كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 4)

بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ ... مُتَيَّمٌ عِنْدَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ الْبَيْنِ إذ رحلوا ... إلا أغن غضيض الطرف مكحول
هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة ... لا يشتكي قصر منها ولا طول [1]
تَجْلُو عَوَارِضَ ذِي ظَلْمٍ إِذَا ابْتَسَمَتْ ... كَأَنَّهُ مُنْهَلٌ بِالرَّاحِ مَعْلُولُ
شُجَّتْ بِذِي شَبَمٍ مِنْ مَاءِ مَحْنِيَةٍ ... صَافٍ بِأَبْطَحَ أَضْحَى وَهْوَ مَشْمُولُ
تَنْفِي الرِّيَاحُ الْقَذَى عَنْهُ وَأَفْرَطَهُ ... مِنْ صَوْبِ غَادِيَةٍ بِيضٌ يَعَالِيلُ
فَيَا لَهَا خُلَّةٌ لَوْ أنها صدقت ... بوعدها أولو انَّ النُّصْحَ مَقْبُولُ
لَكِنَّهَا خُلَّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِهَا ... فَجْعٌ وَوَلْعٌ وَإِخْلَافٌ وَتَبْدِيلُ
فَمَا تَدُومُ عَلَى حَالٍ تَكُونُ بِهَا ... كَمَا تَلَوَّنُ فِي أَثْوَابِهَا الْغُولُ
وَمَا تُمَسِّكُ بِالْعَهْدِ الَّذِي زَعَمَتْ ... إِلَّا كَمَا يُمْسِكُ الْمَاءَ الْغَرَابِيلُ
فَلَا يَغُرَّنْكَ مَا مَنَّتْ وَمَا وَعَدَتْ ... إِنَّ الْأَمَانِيَّ وَالْأَحْلَامَ تَضْلِيلُ
كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا مَثَلًا ... وَمَا مَوَاعِيدُهَا إِلَّا الْأَبَاطِيلُ
أَرْجُو وَآمُلُ أَنْ تدنو مودتها ... وَمَا لَهُنَّ إِخَالُ الدَّهْرَ تَعْجِيلُ
أَمْسَتْ سُعَادُ بأرض لا تبلغها ... إِلَّا الْعِتَاقُ النَّجِيبَاتُ الْمَرَاسِيلُ
وَلَنْ يُبَلِّغَهَا إِلَّا عُذَافِرَةٌ ... فِيهَا عَلَى الْأَيْنِ إِرْقَالٌ وَتَبْغِيلُ
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إِذَا عَرِقَتْ ... عُرْضَتُهَا طَامِسُ الأعلام مجهول
ترمى الغيوب بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ ... إِذَا تَوَقَّدَتِ الْحِزَّانُ وَالْمِيلُ
ضَخْمٌ مُقَلَّدُهَا فَعْمٌ مُقَيَّدُهَا ... فِي خَلْقِهَا عَنْ بَنَاتِ الْفَحْلِ تَفْضِيلُ
حَرْفٌ أَخُوهَا أَبُوهَا مِنْ مُهَجَّنَةٍ ... وَعَمُّهَا خَالُهَا قَوْدَاءُ شِمْلِيلُ
يَمْشِي الْقُرَادُ عَلَيْهَا ثُمَّ يُزْلِقُهُ ... مِنْهَا لَبَانٌ وَأَقْرَابٌ زَهَالِيلُ
عَيْرَانَةٌ قُذِفَتْ بِالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ ... مِرْفَقُهَا عَنْ بنات الزور مفتول
قنواء في حربتيها لِلْبَصِيرِ بِهَا ... عِتْقٌ مُبِينٌ وَفِي الْخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ
كأنما فَاتَ عَيْنَيْهَا وَمَذْبَحَهَا ... مِنْ خَطْمِهَا وَمِنَ اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ
تُمِرُّ مِثْلَ عَسِيبِ النَّخْلِ ذَا خُصَلٍ ... في غادر لَمْ تَخَوَّنْهُ الْأَحَالِيلُ
تَهْوِي عَلَى يَسَرَاتٍ وَهْيَ لاهية ... ذوابل وقعهن الأرض تحليل
يوما تظل به الحرباء مصطخدا ... كأن ضاحيه بالشمس محلول
__________
[1] لم يورد المصنف هذا البيت واختصر بعض أبيات منها مع تقديم وتأخير وهي مشهورة فلتراجع.

الصفحة 370