كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 4)

خلفه (قلنا: نعم هَذًّا) بفتح الهاء والذال المعجمة المشددة، منصوب على المصدر أي: نهذُّه هَذًّا. أي: نسرع في قراءتها ونستعجل، والهذُّ: سرعة القطع (يا رسول الله) فيه الأدب في مخاطبة الكبير أن لا يسميه باسمه، بل يقول في جوابه: نعم يا سيدي. أو: يا أستاذي، ونحوه.
(قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب) هذا مخصوص بالصلاة التي يجهر فيها الإمام؛ لما روى الإمام مالك في "الموطأ" (¬1) والترمذي (¬2)، وحسنه عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من صلاته فقال: "هل قرأ معي أحد منكم؟ " فقال رجل: نعم يا رسول الله. قال: "ما لي أنازع القرآن؟ ! ". قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما جهر فيه حين سمعوا ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3).
ورواه الدارقطني بلفظ آخر قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة فلما قضاها قال: "هل قرأ أحد منكم معي شيء من القرآن؟ " فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إني أقول ما لي أنازع القرآن، إذا أسررت بقراءتي (¬4) فاقرؤوا، وإذا جهرت بقراءتي فلا يقرأ معي أحد" (¬5). ففي هذين الحديثين دليل على أن حديث هذا الباب مقيد
¬__________
(¬1) "الموطأ" (193).
(¬2) "سنن الترمذي" (312).
(¬3) وأخرجه أيضًا النسائي 2/ 140، وابن ماجة (848)، وأحمد 2/ 240، وابن حبان (1843).
(¬4) في (ص): بقراءة.
(¬5) "سنن الدارقطني" 1/ 333.

الصفحة 560