كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 4)

(لا أحصي ثناء عليك) زاد بعضهم [في رواية] (¬1): "ولو حرصت" (¬2)، يعني: لا أطيق الثّناء عليك ولا أنتهي إلى غايته، ولا أحيط بمعرفته كما قال - صلى الله عليه وسلم - مخبرًا عن حاله في المقام المحمود حين يخر تحت العرش للسجود: "فأحمده بمحامد لا أقدر عليها إلا أن يلهمنيها" (¬3). وروي عن مالك: لا أحصي نعمك وإحسانك والثناء عليك وإن اجتهدت في ذلك (¬4). والأول أولى لقوله بعده (أنت كما أثنيت على نفسك) ومعنى ذلك اعتراف بالعجز عندما ظهر له من صفات جلاله تعالى وكماله وصمديته ما لا ينتهي إلى عده، ولا يوصل إلى حده، ولا يحصله عقل، ولا يحيط به فكر، وعند الانتهاء إلى هذا المقام انتهت معرفة الأنام، ولذلك قال الصديق: العجز عن درك الإدراك إدراك (¬5).
* * *
¬__________
(¬1) من (م).
(¬2) رواه النسائي في "الكبرى" (10727)، والطبراني في "الأوسط" 2/ 283 (1992) من حديث علي، بلفظ: عن علي بن أبي طالب قال: بت عند رسول الله ذات ليلة، فكنت أسمعه إذا فرغ من صلاته وتبوأ مضجعه يقول: "اللهم .. لا أستطيع ثناء عليك ولو حرصت .. " الحديث.
وذكره الهيثمي في "المجمع" 10/ 124، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن عبد الله القارئ، وقد وثقه ابن حبان.
(¬3) أخرجه مسلم (193) (326).
(¬4) انظر: "مسند الموطأ" للجوهري ص 604 (815).
(¬5) انظر: "المفهم" للقرطبي 2/ 89 - 90.

الصفحة 698