كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 4)

أي يجمع من قوله تعالى: {وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)} (¬1)، (وهذا) يعني السمن (في سقائه) بكسر السين والمد، وهو يكون للماء واللبن والسمن ونحوها من المائعات، فيه أنه إذا سكب من الوعاء شيء لضيف ونحوه فلم يؤكل أو أكل مثله وبقي بعضه أن يرد إلى الوعاء الذي أخذ منه ليجتمع الطعام بعضه على بعض، وليجعل (¬2) البركة فيه ولا يترك في الإناء الذي سكب فيه؛ لأنه يتطرق إليه الفساد من جهات، وفيه إرشاد الضيف لأهل المنزل بما فيه صلاح لهم من أمر الدين والدنيا.
(فإني) امرؤٌ (صائم) محمول على أنه يقوله لهم اعتذارًا عن عدم أكل طعامهم وإعلامًا لهم بحاله، كما أنه يعتذر لمن أهديت له هدية وله عذر كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم" (¬3) وفيه أن الصائم إذا قدم إليه طعام لا يلزمه الأكل وإن كان متنفلًا، ويكون الصوم عذرًا في ترك الأكل بخلاف المفطر فإنه إذا دعي لوليمة أنه يلزمه الأكل على أصح الوجهين عندنا، قاله النووي (¬4)، وأما الأفضل للصائم قال أصحابنا: إن كان يشق على صاحب (¬5) الطعام صومه استحب له الفطر وإلا فلا (¬6)، هذا إذا كان صوم تطوع، فإن كان صومّا واجبًا حرم الفطر.
وفي هذا الحديث أنه لا بأس بإظهار نوافل العبادة من الصلاة
¬__________
(¬1) المعارج: 18.
(¬2) في (م): ليحصل. وبياض في (ل).
(¬3) سيأتي تخريجه إن شاء الله.
(¬4) "شرح النووي على مسلم" 8/ 28.
(¬5) في (س): خاص.
(¬6) "شرح النووي على مسلم" 8/ 28.

الصفحة 7