كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 4)
مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (¬1).
وَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: يُلَبِّي الْحَاجُّ حَتَّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِأَوَّلِ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ، فَإِذَا قَطَعَ التَّلْبِيَةَ فَإِنَّمَا بَعْدَهَا التَّكْبِيرُ، وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ (¬2).
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - فِي الْجَدِيدِ (¬3): وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْآفَاقِ وَالْعِرَاقِ (¬4) كَمَا يُكَبِّرُ أَهْلُ مِنًى، لَا يُخَالِفُونَهُمْ (¬5) فِي ذَلِكَ، إِلَّا فِي أَنْ يَتَقَدَّمُوهُمْ بِالتَّكْبِيرِ، فَلَوِ ابْتَدَءُوا التَّكْبِيرَ خَلْفَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ؛ قِيَاسًا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالى فِي الْفِطْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ بِالتَّكْبِيرِ مَعَ إِكْمَالِ الْعِدَّةِ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُحْرِمِينَ فَيُلَبُّونُ فَيَكْتَفُونَ بِالتَّلْبِيَةِ مِنَ التَّكْبِيرِ، لَمْ أَكْرَهْ ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَسْتَحِبُّ هَذَا.
قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُ كَانَ يَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ خَلْفَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ (¬6).
وَحَكَى الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - قَوْلَ مَنْ قَالَ: يُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُكَبِّرُ ثُمَّ يَقْطَعُ (¬7) وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَقَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ (¬8).
¬__________
(¬1) المصدر السابق (8/ 495).
(¬2) أخرجه المؤلف في المعرفة (5/ 106).
(¬3) في (س): "القديم".
(¬4) قوله: "والعراق" ليس في (س).
(¬5) في (س): "يخالفوهم".
(¬6) الأم (2/ 520).
(¬7) في (س): "فكبر ثم قطع".
(¬8) ذكره المؤلف في المعرفة (5/ 107).
الصفحة 126