كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 4)
عَلَيْهِ، وَيُؤَكِّدُهُ جَمْعُهُ بَيْنَ أَدْرَاعِهِ وَأَعْتُدِهِ، وَإِجْمَاعُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الدُّرُوعِ حَسَبَ مَا يُوجِبُونَهُ فِي الْخَيْلِ، أَوْ كَأنَّهُ طَلَبَ زَكَاةَ التِّجَارَةِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي كَيِّ مَانِعِ حَقِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِهَا، وَأَنَّ مَانِعَ حَقِّ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ يُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ، الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ، وَقَالَ فِيهِ عَنِ الْخَيْلِ: "وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا، وَلَا فِي رِقَابِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ" (¬1). فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ذَلِكَ الْحَثُّ عَلَى الْخَيْرِ وَفِعْلِ الْمَعْرُوفِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْإِبِلَ قَالَ: "وَمِنْ حَقِّهَا حَلْبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا".
وَقَالَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ومَا حَقُّهَا؟ يَعْنِي: الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ، قَالَ: "إِطْرَاقُ فَحْلِهَا، وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا، وَمَنِيحَتُهَا وَحَلْبُهَا عَلَى الْمَاءِ، وَحَمْلٌ] (¬2) عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ" (¬3).
وَإِذَا كَانَ هَذَا الْخَبَرُ مُحْتَمِلًا لِمَا ذَكَرْنَا، فَنَحْمِلُهُ عَلَيْهِ؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ صَدَقَةٌ".
اسْتَدَلُّوا بِمَا:
[3256] أخبرنا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ قَتَادَةَ، أبنا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، أبنا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، أبنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمَرَّدٌ (¬4)، أَنَّ حُيَيَّ بْنَ يَعْلَى أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ
¬__________
(¬1) صحيح مسلم (3/ 70).
(¬2) ما بين المعقوفين يتمثل في الوجه: [128/ ب] و [129/ أ] وقد سقطا من (س)، واستدركناه من المختصر (2/ 447).
(¬3) صحيح مسلم (3/ 73).
(¬4) هو: عمرد بن الحسن، مترجم في تاريخ البخاري (7/ 88).
الصفحة 337