كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 4)
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الْعِرَاقِ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِرْهَمٌ وَلَا قَفِيزٌ، قَالُوا: بِمَ ذَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: مِنَ الْعَجَمِ. - وَقَالَ بُنْدَارٌ: مِنْ قِبَلِ الْعَجَمِ - وَقَالَا: يَمْنَعُونَ ذَاكَ. ثُمَّ سَكَتَ هُنَيْهَةً. - وَقَالَ بُنْدَارٌ: هُنَيْئَةً - ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ أَهْلُ الشَّامِ أَنْ لَا يُجْبَى إِلَيْهِمْ دِينَارٌ وَلَا مُدْيٌ. قَالُوا: مِمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الرُّومِ يَمْنَعُونَ ذَاكَ. ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَكُونُ فِي أُمَّتي خَلِيفَةٌ يَحْثِي الْمَالَ [حَثْيًا] (¬1) لَا يَعُدُّهُ عَدًّا"، ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَعُودَنَّ الْأَمْرُ كَمَا بَدَأَ، لَيَعُودَنَّ كُلُّ إِيمَانٍ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا بَدَأَ بِهَا، حَتَّى يَكُونَ كُلُّ إِيمَانٍ بِالْمَدِينَةِ". ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ رَغْبَةً عَنْهَا، إِلَّا أَبْدَلَهَا اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ، وَلَيَسْمَعَنَّ نَاسٌ بِرُخْصٍ مِنْ أَسْعَارٍ وَرِيفٍ فَيتَّبِعُونَهُ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ".
رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي مُوسَى (¬2).
وَفِي كِتَابِ الْغَرِيبَيْنِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ (¬3) الْهَرَوِيِّ - رحمه الله -؛ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى إِخْبَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَمَّا وَظَّفَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ هَذِهِ الْبِلَادِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - مِنَ الْجِزْيَةِ، وَأَنَّهُمْ إِذَا أَسْلَمُوا سَقَطَتْ عَنْهُمْ بِذَلِكَ الْجِزْيَةُ.
وَقَوْلُهُ: "مَنَعَتْ" مَعْنَاهُ: سَتَمْنَعُ بِإِسْلَامِهِمْ مَا وَظَّفَ عَلَيْهِمْ.
وَفِي هَذَا الْمَعْنَى يَصِيرُ الْخَبَرُ حُجَّةً لَنَا فِي سُقُوطِ الْخَرَاجِ الَّذِي يَكُونُ عَلَى طَرِيقِ الْجِزْيَةِ عَنْ أَرَاضِي أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا أَسْلَمُوا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين ليس في (س)، والمثبت من دلائل النبوة للمصنف (6/ 330)، وصحيح الإمام مسلم (8/ 185).
(¬2) صحيح مسلم (8/ 185).
(¬3) في (س): "عبيدة"، والمثبت هو الموافق لمصادر الترجمة. انظر تاريخ الإسلام (2/ 28).
الصفحة 365