كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 4)

الْخُمُسُ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "طَعَامٌ مَأْكُولٌ لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ، احْبِسْ عَلَى أَخِيكَ ضَالَّتَهُ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ تَرَى فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا! مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، وَلَا يُخَافُ عَلَيْهَا الذِّئْبُ، تَأْكُلُ الْكَلَأَ، وَتَرِدُ الْمَاءَ، دَعْهَا حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهَا" (¬1).
قَالُوا: فَقَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا كَانَ فِي الطَّرِيقِ غَيْرِ الْمِيتَاءِ وَالْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَسْكُونَةِ". قَالُوا: أَرَادَ بِهِ الْمَعْدِنَ؛ فَفِيهِ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ، دَلَّ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ فِيهِمَا.
الْجَوَابُ: قُلْنَا: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله -: فَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عَمْرٍو يَكُونُ حُجَّةً؛ فَالَّذِي رَوَى الْحُجَّةُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ حُكْمٍ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ عَمْرٍو غَيْرَ حُجَّةٍ فَالْحُجَّةُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ جَهْلٌ.
رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَمْروٍ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ (¬2) الْمُعَلَّقِ فَقَالَ: غَرَامَتُهُ وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ (¬3)، فَإِذَا آوَاهُ الْجَرِينُ، فَفِيهِ الْقَطْعُ وَهُوَ يَقُولُ: غَرَامَتُهُ فَقَطْ وَلَيْسَ مِثْلُهُ مَعَهُ، وَيَقُولُ: لَا يُقْطَعُ فِيهِ إِذَا آوَاهُ الْجَرِينُ رَطْبًا، وَالْجَرِينُ يُؤْوِيهِ رَطْبًا.
وَرُوِيَ فِي ضَالَّةِ (¬4) الْإِبِلِ غَرَامَتُهَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا، وَيَقُولُ: غَرَامَتُهَا وَحْدَهَا
¬__________
(¬1) أخرجه المؤلف في السنن الكبير (8/ 248).
(¬2) في (س) ومطبوعة المختصر: "التمر"، والمثبت من الأصل الخطي للمختصر، ومعرفة السنن (6/ 169).
(¬3) في المختصر: "وجلد أو نكال".
(¬4) في المختصر: "ضلالة".

الصفحة 405