كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 4)

[بِقِيمَةٍ وَاحِدَةٍ لَا مُضَاعَفَةٍ، وَرَوَى فِي اللُّقَطَةِ: يُعَرِّفُهَا] (¬1) فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَشَأْنُهُ بِهَا وَهُوَ يَقُولُ: إِذَا كَانَ مُوسِرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِهَا. فَخَالَفَ حَدِيثَ عَمْرٍو الَّذِي رَوَاهُ فِي أَحْكَامِ (¬2) [اللُّقَطَةِ] وَاحْتَجَّ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، إِنَّمَا هُوَ تَوَهُّمٌ فِي الْحَدِيثِ، فَإِنْ كَانَ حُجَّةً فِي شَيْءٍ، فَلْيَقُلْ بِهِ فِيمَا تركَهُ فِيهِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ - رحمه الله -: قَوْلُهُ: إِنَّمَا هُوَ تَوَهُّمٌ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ، وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ الْجَاهِلِيَّةِ ظَاهِرًا فَوْقَ الْأَرْضِ فِي الطَّرِيقِ غَيْرِ الْمِيتَاءِ، وَالْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَسْكُونَةِ، فَقَالَ فِيهِ: "وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ".
[3373] أخبرنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، نا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أنا الشَّافِعِيُّ - رحمه الله -، أنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجلٌ إِلَى عَلِيٍّ - رضي الله عنه - فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي خَرِبَةٍ بِالسَّوَادِ، فَقَالَ عَلِيٌّ - رضي الله عنه -: أَمَا لَأَقْضِيَنَّ فِيهَا قَضَاءً بَيِّنًا؛ إِنْ كُنْتَ وَجَدْتَهَا فِي قَرْيَةٍ تُؤَدِّي خَرَاجَهَا قَرْيَةٌ أُخْرَى، فَهِيَ لِأَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ، وَإِنْ كُنْتَ وَجَدْتهَا فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ تُؤَدِّي خَرَاجَهَا قَرْيَةٌ أُخْرَى، فَلَكَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، وَلَنَا الْخُمُسُ، ثُمَّ الْخُمُسُ لَكَ (¬3).
وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ وَرَدَ فِي الرِّكَازِ الَّذِي هُوَ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَلَامُنَا وَقَعَ فِي الْمَعْدِنِ.
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفين ليس في (س) والمختصر، والمثبت هنا وحتى نهاية الحديث من معرفة السنن (6/ 169).
(¬2) في (س): "أحكامه".
(¬3) أخرجه الشافعي في الأم (3/ 117).

الصفحة 406