كتاب الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه (اسم الجزء: 4)
ورواه الإمام أحمد (١٧٠٢٣) عن روح، قال: حدَّثنا عبد الحميد بن بهرام بإسناده، إلَّا أنَّه لم يسقِ اللفظ المذكور أعلاه، وإنَّما ساق له لفظًا آخر، وجزءًا أيضًا من الحديث الطويل بهذا الإسناد.
وإسناده حسن من أجل الكلام في شهر بن حوشب، فإنه حسن الحديث، وكان علي بن المديني وأحمد والبخاري وغيرهم حسن الرأي فيه.
وللحديث أسانيد أُخرى غير أن ما ذكرته هو أصحُّها، منها ما رواه الإمام أحمد (١٩٤٣٧) عن هاشم بن القاسم، حدثنا الفرج، حدثنا لقمان، عن أبي أُمامة، عن عمرو بن عبسة السَّلَمي، قال: "قلت له: حدِّثنا حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ليس فيه انتقاص ولا وهم". قال: سمعته يقول: "من وُلد له ثلاثة أولاد في الإسلام، فماتوا قبل أن يلغوا الحنث، أدخله الله عزَّ وجلَّ الجنة برحمته إياهم، ومن شاب شيبةً في سبيل الله عزَّ وجلَّ كانت له نورًا يومَ القيامةِ، ومن رمى بسهمٍ في سبيل الله عزَّ وجلَّ بلغ به العدو، أصاب أو أخطأ، كان له كعَدل رقبة، ومن أعتق رقبةً مؤمنةً أعتق الله بكلِّ عضوٍ منها عضوًا منه من النار، ومن أنفق زوجين في سبيل الله عزَّ وجلَّ فإنَّ للجنة ثمانية أبوابٍ، يُدخله الله عزَّ وجلَّ من أي باب شاء منها الجنَّة".
وفيه الفرج، وهو: ابن فَضالة بن النُّعمان التنوخي الشامي، أهل العلم مطبقون على تضعيفه، حتَّى قال ابن حبَّان: "كان ممن يقلب الأسانيد، ويُلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، لا يحل الاحتجاج به". "المجروحين" (٨٦٢).
وعمرو بن عبسة هو السَّلَمي، أبو نُجيح، ويقال: أبو شعيب، أسلم قديمًا بمكَّة، ثمَّ رجع إلى بلاده، فأقام بها إلى أن هاجر بعد خيبر، وقبل الفتح، وكان يقول: "أنا رابع الإسلام". فسأله أبو أُمامة: بأي شيءٍ يدَّعي أنَّه رابع الإسلام؟ فقال: "كنت في الجاهلية أرى الناسَ على ضلالة ولا أرى الأوثانَ شيئًا، ثمَّ سمعتُ عن مكة خبرًا، فركبت حتى قدمتُ مكةَ، فإذا أنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخفيًا، وإذا قومه عليه جُراء، فتلطَّفتُ فدخل عليه. فقلتُ: من أنتَ؟ قال: "نبيُّ الله". قلتُ: آالله أرسلك؟ ! قال: "نعم". قلتُ: بأيِّ شيءٍ؟ قال: "بأن يوحَّد الله، ولا يُشرك به شيء، تكسر الأصنام، وتوصل الرحم". قلت: من معك على هذا؟ قال: "حرٌّ وعبدٌ". فإذا معه أبو بكر وبلالٌ، فقلت: إنِّي متَّبعك. قال: "إنَّك لا تستطيع، ارجع إلى أهلك، فإذا سمعتَ بي ظهرتُ فالحق بي". فرجعتُ إلى أهلي وقد أسلمتُ، فهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجعلتُ أتخبَّر الأخبارَ إلى أن قدِمتُ عليه المدينة. فقلتُ: أتعرفني؟ قال: "نعم، أنت الذي أتيتني بمكَّة". قلت: نعم. فعلِّمني ممَّا علَّمك الله. ذكر الحديثَ بطوله كما أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، ومضى.
روى عنه ابن مسعود -مع تقدُّمه- وأبو أمامة الباهلي، وسهل بن سعد، ومن التابعين شرحبيل بن السمط، وسعدان بن أبي طلحة، وسليم بن عامر، وآخرون. ويُقال: إنَّه ممَّن نزل حمص من الصحابة". انظر "الإصابة" (٣/ ٥).
الصفحة 12
898