كتاب الكامل في اللغة والأدب (اسم الجزء: 4)

خطبة لأبي طالب
وخطب أبو طالب بن عبد المطلب لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تزوجه خديجة بنت خويلد رحمة الله عليها، فقال؛ الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وجعل لنا بلداً حراماً، وبيتاً محجوجاً، وجعلنا الحكام على الناس؛ ثم إن محمد بن عبد الله، ابن أخي، من لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح عليه براً وفضلاً، وكرماً وعقلاً، ومجداً ونبلاً، وإن كان في المال قل1، فإنما المال ظل زائل وعارية مسترجعة، وله في خديجة بنت خويلد رغبة، ولها فيه مثل ذلك، وما أحببتم من الصداق فعلي.
وهذه الخطبة من أقصد خطب الجاهلية.
__________
1 قل: "قليل".
وفود النابغة الجعدي على ابن الزبير
ومن جميل محاورات العرب ما روي لنا عن يحيى بن محمد بن عروة، عن أبيه عن جده، قال: أقحت السنة علينا، النابغة الجعدي، فلم يشعر به ابن الزبير حين صلى الفجر حتى مثل بين يديه يقول:
حكيت لنا الصديق حين وليتنا ... وعثمان والفارق فارتاح معدم
وسويت بين الناس في العدل فاستووا ... فعاد صباحاً حالك الليل مظلم
أتاك أبو ليلى يشق به الدجى ... دجى الليل جواب الفلاة عثمثم
لترفع منه جانباً ذعذعت به ... صروف الليالي والزمان المصمم
فقال له ابن الزبير: هون عليك أبا ليلى، فأيسر وسائلك عندنا الشعر، أما صفوة أموالنا فلبني أسد، وأما عفوتها فلآل الصديق، ولك في بيت المال حقان: حق لصحبتك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحق بحقك في المسلمين. ثم أمر له بسبع قلائص وراحلة رحيل. ثم أمر بأن توقر له حباً وتمراً. فجعل أبو ليلى يأخذ التمر فيستجمع به الحب فيأكله، فقال له ابن الزبير: لشد ما بلغ منك الجهد يا أبا ليلى! فقال النابغة: أما على ذاك لسمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "ما استرجمت قريش

الصفحة 4