صفحة الظبي1، فعثر فتلقى بفؤاده ظبة2 السهم، فلحقه أولياؤه فانتزعوا السهم وهو والظبي ميتان، فنمى إلي خبره، فأسرعت إلى قبره معتبطاً بفقده، فإني لضاحك السن؛ إذ وقعت عيني على صخرة، فرأيت عليها كتاباً، فهلم فاقرأه، وأومأ إلى الصخرة، فإذا عليها:
وما نحن إلا مثلهم غير أننا ... أقمنا قليلاً بعدهم وتقدموا
قلت: أشهد أنك تبكي على من بكاؤك عليه أحق من النسيب.
__________
1 صفحة الظبي: جانبه.
2 ظبة السهم: حده.
مراثي يعقوب بن الربيع في جارية له
ومما استطرفنا من شعر المحدثين قول يعقوب بن الربيع في جارية طالبها سبع سنين، بيذل فيها جاهه وماله وإخوانه حتى ملكها، فأقامت عنده ستة أشهر ثم ماتت، فقال فيها أشعاراً كثيرة، اخترنا منها بعضها، من ذلك قوله:
لله آنسة فجعت بها ... ما كان أبعدها من الدنس!
أتت البشارة والنعي معاً ... يا قرب مأتمها من العرس!
يا ملك نال الدهر فرصته ... فرمى فؤاداً غير محترس
كم من دموع لا تجف ومن ... نفس عليك طويلة النفس
أبكيك ما ناحت مطوقة ... تحت الظلام تنوح في الغلس
يا ملك في وفيك معتبر ... ومواعظ يوحشن ذا الأنس
ما بعد فرقة بيننا أبداً ... في لذة درك لملتمس
وأخذ ما في صدر هذا الكلام من قول القائل:
رب مغروس يعاش به ... فقدته كف مغترسه
وكذاك الدهر مأتمه ... أقرب الأشياء من عرسه