كتاب أبحاث هيئة كبار العلماء (اسم الجزء: 4)

أيضا إنما هو بالنسبة إلى كل عقد تأمين على حدة، لا بالنسبة إلى مجموع العقود التي يجريها المؤمن، ولا بالنسبة إلى نظام التأمين في ذاته؛ لأن النظام وكذا مجموع العقود يرتكزان على أساس إحصائي ينفي عنصر الاحتمال حتى بالنسبة للمؤمن عادة.
أما بالنسبة إلى المستأمن فإن الاحتمال فيه معدوم؛ ذلك لأن المعاوضة الحقيقية في التأمين بأقساط إنما هي بين القسط الذي يدفعه المستأمن وبين الأمان الذي يحصل عليه، وهذا الأمان حاصل للمستأمن بمجرد العقد دون توقف على الخطر المؤمن منه بعد ذلك؛ لأنه بهذا الأمان الذي حصل عليه واطمأن إليه لم يبق بالنسبة إليه فرق بين وقوع الخطر وعدمه فإنه إن لم يقع الخطر ظلت أمواله وحقوقه ومصالحه سليمة، وإن وقع الخطر عليها أحياها التعويض، فوقوع الخطر وعدمه بالنسبة إليه سيان بعد عقد التأمين، وهذا ثمرة الأمان والاطمئنان الذي منحه إياها المؤمن نتيجة للعقد في مقابل القسط، وهنا المعاوضة الحقيقية على أن عنصر الاحتمال قد قبله الفقهاء في الكفالة ولو عظم، فقد نصوا على أن الإنسان لو قال لآخر: تعامل مع فلان وما يثبت لك عليه من حقوق فأنا كفيل به صحت الكفالة هكذا رغم الاحتمال في وجود الدين في المستقبل وجهالة مقداره.
وصرحوا بصحة تعليقها على الخطر المحض في الشرط الملائم، كما لو قال الشخص لدائن: إن أفلس مدينك فلان أو مات في هذا الشهر مثلا أو إن سافر فأنا كفيله- فإن الكفالة تنعقد صحيحة، ويلتزم بموجبها إن وقع الشرط.
فعلى فرض وجود غرر في عقد التأمين ليس هو من الغرر الممنوع

الصفحة 104