كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 4)
[تفسير ابن هشام لبعض الغريب]
قال ابن هِشَامٍ: تَسْفِكُونَ: تَصُبّونَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: سَفَكَ دَمَهُ، أَيْ صَبّهُ، وَسَفَكَ الزّقّ، أَيْ هَرَاقَهُ. قَالَ الشّاعِرُ:
وَكُنّا إذَا مَا الضّيْفُ حَلّ بِأَرْضِنَا ... سَفَكْنَا دِمَاءَ الْبُدْنِ فِي تُرْبَةِ الْحَالِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: يَعْنِي «بِالْحَالِ» : الطّينِ الّذِي يُخَالِطُهُ الرّمْلُ، وَهُوَ الّذِي تَقُولُ لَهُ الْعَرَبُ: السّهْلَةُ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: أَنّ جِبْرِيلَ لَمّا قَالَ فِرْعَوْنُ:
آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ أَخَذَ مِنْ حَالِ الْبَحْرِ وَحَمَأَتِهِ فَضَرَبَ بِهِ وَجْهَ فِرْعَوْنَ. (وَالْحَالُ: مِثْلُ الْحَمْأَةِ) .
قَالَ ابن إسحاق: وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنّ هَذَا حَقّ مِنْ مِيثَاقِي عَلَيْكُمْ ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ، وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ، تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ أَيْ أَهْلَ الشّرْكِ، حَتّى يَسْفِكُوا دِمَاءَهُمْ مَعَهُمْ، وَيُخْرِجُوهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ مَعَهُمْ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَقَدْ عَرَفْتُمْ أَنّ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ فِي دِينِكُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ: فِي كِتَابِكُمْ إِخْراجُهُمْ، أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ، (أَيْ) أَتُفَادُونَهُمْ مُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ، وَتُخْرِجُونَهُمْ كُفّارًا بِذَلِكَ. فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ، وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ. أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصفحة 337