كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 4)
كَلَامَ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ عَلَيّ حَرَامٌ حَتّى تُؤْمِنُوا بالله وبرسوله.
قالا: فو الله مَا أَمْسَى فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إلّا مُسْلِمًا وَمُسْلِمَةً، وَرَجَعَ أَسْعَدُ وَمُصْعَبٌ إلَى مَنْزِلِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ يَدْعُو النّاسَ إلَى الْإِسْلَامِ، حَتّى لَمْ تَبْقَ دَارٌ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إلّا وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ مُسْلِمُونَ، إلّا مَا كَانَ مِنْ دَارِ بَنِي أُمَيّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَخَطْمَةَ وَوَائِلٍ وَوَاقِفٍ، وَتِلْكَ أَوْسُ اللهِ، وَهُمْ مِنْ الْأَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ؛ وَذَلِكَ أَنّهُ كَانَ فِيهِمْ أَبُو قَيْسِ بْنُ الْأَسْلَتِ، وَهُوَ صَيْفِيّ، وَكَانَ شاعرا لهم قائدا يستمعون منه ويطيعون، فوقف بهم عن الإسلام، فلم يزل على ذلك حَتّى هَاجَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَمَضَى بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ، وَقَالَ فِيمَا رَأَى مِنْ الْإِسْلَامِ، وَمَا اخْتَلَفَ النّاسُ فِيهِ مِنْ أَمْرِهِ:
أَرَبّ النّاسِ أَشْيَاءُ أَلَمّتْ ... يُلَفّ الصّعْبُ مِنْهَا بِالذّلُولِ
أَرَبّ النّاسِ أَمّا إذْ ضَلِلْنَا ... فَيَسّرْنَا لِمَعْرُوفِ السّبِيلِ
فَلَوْلَا رَبّنَا كُنّا يَهُودًا ... وَمَا دِينُ الْيَهُودِ بِذِي شُكُولِ
وَلَوْلَا رَبّنَا كُنّا نَصَارَى ... مَعَ الرّهْبَانِ فِي جَبَلِ الْجَلِيلِ
وَلَكِنّا خُلِقْنَا إذْ خُلِقْنَا ... حَنِيفًا دِينُنَا عَنْ كُلّ جِيلِ
نَسُوقُ الْهَدْيَ تَرْسُفُ مُذْعِنَاتٍ ... مُكَشّفَةَ الْمَنَاكِبِ فِي الْجُلُولِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي قَوْلَهُ: فَلَوْلَا رَبّنَا، وَقَوْلَهُ: لَوْلَا رَبّنَا، وَقَوْلَهُ:
مُكَشّفَةَ الْمَنَاكِبِ فِي الْجُلُولِ، رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، أَوْ مِنْ خُزَاعَةَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصفحة 78