كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 4)

أُوصِيكُمْ بِثَلَاثِ، فَلَا تُضَيّعُوا فِيهِنّ: دَمِي فِي خُزَاعَةَ، فَلَا تَطُلّنّهُ، وَاَللهِ إنّي لَأَعْلَمُ أَنّهُمْ منه برآء، ولكنى أَخْشَى أَنْ تُسَبّوا بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ، وَرِبَايَ فِي ثَقِيفٍ، فَلَا تَدَعُوهُ حَتّى تَأْخُذُوهُ، وَعُقْرِي عِنْدَ أَبِي أُزَيْهِرٍ، فَلَا يَفُوتَنّكُمْ بِهِ. وَكَانَ أَبُو أُزَيْهِرٍ قَدْ زَوّجَهُ بِنْتًا، ثُمّ أَمْسَكَهَا عنه فلم يدخلها عليه حتى مات.
فَلَمّا هَلَكَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَثَبَتْ بَنُو مَخْزُومٍ عَلَى خُزَاعَةَ يَطْلُبُونَ مِنْهُمْ عَقْلَ الْوَلِيدِ، وَقَالُوا: إنّمَا قَتَلَهُ سَهْمُ صَاحِبِكُمْ- وَكَانَ لِبَنِي كَعْبٍ حِلْفٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ- فَأَبَتْ عَلَيْهِمْ خُزَاعَةُ ذَلِكَ، حَتّى تَقَاوَلُوا أَشْعَارًا، وَغَلُظَ بَيْنَهُمْ الْأَمْرُ- وَكَانَ الّذِي أَصَابَ الْوَلِيدَ سَهْمُهُ رَجُلًا مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو مِنْ خُزَاعَةَ- فَقَالَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بن عمر ابن مَخْزُومٍ:
إنّي زَعِيمٌ أَنْ تَسِيرُوا، فَتَهْرُبُوا ... وَأَنْ تَتْرُكُوا الظَّهران تَعْوِي ثَعَالِبُهُ
وَأَنْ تَتْرُكُوا مَاءً بِجِزْعَةِ أَطْرِقَا ... وَأَنْ تَسْأَلُوا: أَيّ الْأَرَاكِ أَطَايِبُهُ؟
فَإِنّا أَنَاسٌ لَا تُطَلّ دِمَاؤُنَا ... وَلَا يَتَعَالَى صَاعِدًا مَنْ نُحَارِبُهُ
وَكَانَتْ الظّهْرَانُ وَالْأَرَاكُ مَنَازِلَ بنى كعب، من خزاعة. فأجابه الجون ابن أَبِي الْجَوْنِ، أَخُو بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرِو الخزاعىّ، فقال:
والله لا نؤتى الوليد ظلامة ... ولمّا قروا يَوْمًا تَزُولُ كَواكِبُهْ
وَيُصْرَعُ مِنْكُمْ مُسْمِنٌ بَعْدَ مُسْمِنٍ ... وَتُفْتَحُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَسْرًا مَشَارِبُهْ
إذَا مَا أَكَلْتُمْ خُبْزَكُمْ وَخَزِيرَكُمْ ... فَكُلّكُمْ بَاكِي الْوَلِيدِ ونادبه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الصفحة 9