كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر (اسم الجزء: 4)
المعتزلة ومن سار في طريقهم، يرون من مات على الكبائر، يرونه مخلدا في النار ولا يخرج منها، ويحتجون بما ورد في الآيات والأحاديث، من الوعيد بقوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (¬1) مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن على الله عهدا لمن مات وهو يشرب الخمر، أن يسقيه من طينة الخبال"، قيل: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: "عصارة أهل النار"، أو قال: "عرق أهل النار (¬2)»، وأحاديث لعن الخمر وشاربها، كذلك حديث: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن (¬3)» الحديث. فيحتجون بهذه وأمثالها على كفر العاصي، على رأي الخوارج، وعلى خلودهم في النار، على رأي الخوارج وأتباعهم كالمعتزلة، أما أهل السنة والجماعة فيرون: أن العاصي ليس بكافر خلافا للخوارج، وليس بمخلد في النار، خلافا لهم وللمعتزلة، ولكنه
¬__________
(¬1) سورة النساء الآية 93
(¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام، برقم 2002.
(¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب لا يشرب الخمر، برقم 6772، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله، برقم 57.