كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)
فإن قيل: هذا غير معروف، وإنما المعروف: أنه صلى بنا لكسوف الشمس.
قيل له: قد بينا أن ابن المنذر نقله في كتابه، وأيضًا ما روى عن عائشة، وابن عمر - رضي الله عنهم - وغيرهما، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى لكسوف الشمس وقال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة"، فوجه الدلالة: أنه سوى بينهما في الأمر بالصلاة، والفزع إليها، فدل على أن حكمهما واحد في صفة واحدة.
فإن قيل: الخبر يقتضي الحث على الصفة، وليس فيها بيان الصفة.
قيل له: لما سوى بينهما في الأمر دل على التسوية في الصفة.
والقياس: أنه كسوف يُصلى لأجله فكان من سنته الجماعة، دليله: كسوف الشمس، وإن شئت قلت: كسوف واحد النيِّرين، فاستحب له الاجتماع كالشمس.
واحتج المخالف: بما روى علقمة عن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاحمدوا الله تعالى وسبحوه وكبروه حتى تنجلي"، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين.
وروي أنه قال: "فإذا رأيتم شيئًا من هذه الأفزاع فافزعوا إلى الصلاة"، ولم يذكر الجماعة.
الصفحة 108
365