كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)

ودلالة ثانية من الآية الكريمة: وهو قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} وظاهره يقتضي أن الطائفة الثانية تصلي مع الإمام جميع صلاتها، وعندهم: تصلي مع الإمام النصف.
ودلالة ثالثة من الآية: وهو أن الله تعالى لم يأمر واحدة من الطائفتين بالرجوع إلى موضع الصلاة لإتمام الصلاة، وعلى قولهم: إنها ترجع.
وأما موافقته للأصول ومخالفة خبرهم لها فهو: أن العمل الكثير يبطل الصلاة في حال الاختيار (¬1)، وما يذهبون إليه فهو عمل كثير؛ لأن الطائفة إذا صلت انتظرت فراغ الإمام، وذلك انتظار كثير، ويحصل منها: استدبار القبلة، وسير الدابة، والنزول عنها، وربما احتاج إلى الضرب، والطعن، والتقدم، والتأخر، وربما نجس سلاحه بالدم، وهذه الأشياء تنافي الصلاة.
فإن قيل: مثل هذا جائز في الصلاة في حال العذر، بدليل: أنه إذا سبقه الحدث ينصرف، ويتوضأ، ويعود، ويبني على صلاته (¬2).
قيل له: عندنا صلاته تبطل (¬3)، ولأن ما ذهبنا إليه فيه تسوية بين الطائفتين من وجهين: أحدهما: أن الإمام يُحرم بالأولة، ويُسلِّم بالثانية،
¬__________
(¬1) في الأصل: اختيار، وينظر: رؤوس المسائل للعكبري (1/ 347).
(¬2) ينظر: الحجة (1/ 60)، ومختصر الطحاوي ص 32.
(¬3) ينظر: مسائل صالح رقم (684 و 1278)، ومسائل ابن هانئ (37 و 228 و 397)، ومسائل الكوسج رقم (89)، والانتصار (2/ 308).

الصفحة 11