كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)
وقد قال أحمد رحمه الله في رواية المروذي: لا خطبة في الاستسقاء. والكسوف مبني على ذلك.
وبه قال أبو حنيفة، ومالك رحمهما الله.
وقال الشافعي - رضي الله عنه -: تستحب الخطبة لصلاة الخسوف والكسوف بعد الصلاة خطبتان (¬1) كما يخطب لصلاة العيد.
فالدلالة على أن الخطبة غير مستحبة: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "وإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة"، ولم يذكر الخطبة.
ولأنها صلاة يجوز لكل واحد فعلها على الانفراد، فلم تشرع الخطبة بعدها، دليله: سائر الصلوات، وعكسه الجمعة، والعيد أنه (¬2) لما لم يصح فعلها حال الانفراد شرعت الخطبة فيها، ولم تشرع في الاستسقاء؛ لأنه لا خطبة فيها، ولأن خطبتي الجمعة قائمة مقام الركعتين، وخطبتي العيد يُعرِّفهم فيها ما يخرجون من صدقة الفطر والأضحى، وليس في صلاة الكسوف معنى يقتضي الخطبة؛ لأن المقصود كثرة الدعاء، وليس هذا معنى نحتاج فيه إلى أن تعلم، فلم يشرع له الخطبة، كسائر الصلوات.
واحتج المخالف: بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس فقام فأطال القيام إلى أن قالت: ثم انصرف وقد تجلت الشمس، فخطب
¬__________
(¬1) في الأصل: خطبيتن.
(¬2) في الأصل: أن.
الصفحة 113
365