كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)

الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: إذا مات لم يغط رأسه حتى يلقى الله - عز وجل - محرمًا، فأخبر أن كل محرم يلقى الله محرمًا.
وروى الشافعي - رضي الله عنه - أن ابنًا لعثمان - رضي الله عنهما - مات وهو محرم، فلم يخمر رأسه، ولم يقربه طيبًا، وفعل ذلك بمحضر من الصحابة - رضي الله عنهم - فلم ينكر عليه، ولم يقولوا: إن ذلك المحرم كان مخصوصًا من هذا، على أن العمل من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يدل على حكم عموم الحكم في كل المحرم.
والقياس: أنه مات قبل تحلله من الإحرام بالنسك، فوجب أن لا يبطل إحرامه، دليله: المحرم الذي مات على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولأنه مات على لباس محرم، فوجب أن يبقى تحريمه، أصله: تحريم تكفينه بالحرير، وإن شئت أن تقول: كل لبس كان محرمًا حال الحياة لم يحل بالموت، أصله: ما ذكرنا.
ولأن الإحرام عبادة ثبتت للموصوف بها فعله وفعل غيره، فلم ينقطع حكمها بالموت كالإيمان.
وبيان هذا: أن الطفل يحصل مسلمًا بإسلام أحد أبويه ويصير محرمًا بإحرام الولي عندنا، وعندهم بإحرام الرفقة عنه، ثم ثبت أن الإسلام لا يبطل حكمه بالموت، كذلك الإحرام، ولا يلزم عليه الصلاة، والصيام؛ لأنه لا يثبت الموصوف بها بفعله وفعل غيره.
فإن قيل: الإيمان يتعلق به أحكام منها ما يختص به ويلزمه في نفسه، ومنها ما يتعلق بنا، ويلزمنا لأجله أحكام مثل: الموالاة، والميراث،

الصفحة 162