كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)

والثاني: أن الظاهر من الحرب إذا التحمت ووجد ميتًا في المعترك أنه لم يمت حتف أنفه وإنما قتل، وإذا تقابل وجب أن يرجع إلى الأصل الذي هو الغسل؛ لأنه متحقق، وهذا الظاهر محتمل فلا ينتقل عن يقين بمحتمل.
ولأننا لا نعلم أن سبب موته من جهة آدمي، فيجب أن يغسل، دليله: إذا علم أنه مات حتف أنفه، إذ لو كان مقتولًا لكان به أثر؛ لأن الظاهر من حال المقتول أن يكون به أثر.
واحتج المخالف: بأن الظاهر من الحرب إذا التحمت ووجد ميتًا أنه قتل، فيجب أن يحكم بالظاهر كما لو كان به أثر فإنه يحكم بقتله، وإن جاز أن يكون جرح نفسه.
والجواب عنه: ما تقدم، وهو أنه قد قابل هذا الظاهر أصل آخر وهو: وجوب الغسل، ولا يشبه هذا إذا وجد به أثر؛ لأن الظاهر أنه مقتول، وأنه لا يجرح نفسه في العادة، وإذا لم يكن به أثر فالظاهر موته حتف أنفه، فلهذا غسل.
فإن قيل: كان يجب أن لا يعتبروا الأثر ها هنا، كما لم يعتبروه في القسامة.
قيل: لم يعتبره في القسامة احتياطًا لوجوب الدم، واعتبرناه ها هنا احتياطًا للغسل، والله أعلم.
* * *

الصفحة 198