كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)

الأولى والثانية في الإسقاط، كذلك ها هنا.
واحتج المخالف: بأن الشهادة تطهير للشهيد من الذنوب، والصبي لا ذنب له فلا يلحقه حكم الشهادة، ويبقى على أصله في وجوب غسله.
والجواب: أنا لا نسلم أن الشهادة تطهير من الذنوب، وإنما الشهادة هو القتل ظلمًا، وهذا معنى موجود في الصغير، وأما غفران الذنوب فإنه من أحكام الشهادة، فإن لم يكن ذنب استغنى عن الغفران ووجبت الجنة له في درجة الشهداء، ومن كان من البالغين منهما لا يغسل، فهذا حكمه وهو إذا بلغ في المعترك ثم قتل عقيب بلوغه فإنه لا ذنب له، ومع هذا فيثبت له حكم الشهادة وإن لم يصادف تطهيرًا.
فإن قيل: يجوز أن يكون قد أذنب ولم يعلم.
قيل له: إذا شاهدناه لم يزل عن موضعه فقتل علم أنه لا ذنب له.
فإن قيل: يجوز أن يكون قد أضمر معصية.
قيل له: نية المعصية واعتقادها معفو عنه ما لم يفعلها، على أن الأصل: عدم الذنب، فكان يجب أن لا يثبت حكم الشهادة؛ لأن سببها غير متحقق.
جواب آخر: وهو أنه لا يمتنع أن يثبت حكم الشهادة بالقتل في حق الصغير، فإن كان معناها التطهير فلا ذنب له كما ثبت إسلامه، وفيه معنى التطهير من الذنوب، قال الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}.

الصفحة 202