كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)
فافعلوا بموتاكم مثل ما رأيتمونا صنعنا بأبيكم".
ويدل عليه أيضًا أنه لما مات سعد بن معاذ - رضي الله عنه - خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسرع في المشي، فقيل له في ذلك، فقال: "خشيت أن تسبقنا الملائكة إلى غسله كما سبقتنا إلى غسل حنظلة"، وهذا يدل على أن الملائكة لو لم تغسل حنظلة لغسله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن غسلها قام مقام غسله.
ويدل أيضًا على أن الملائكة لو سبقته إلى غسل سعد سقط فرض الغسل؛ لأنه لو لم يكن كذلك لما بادر إلى غسله؛ لأنه عليه السلام كان يلزمه غسله بعد غسل الملائكة.
ولأن غسل الميت في الأصل سنة، فكان القياس أن يغسل الشهيد إلا أنا تركنا القياس في الشهيد إذا لم يكن جنبًا للاتفاق، وحملنا الجنب على موجب القياس.
ولأنه قتل وعليه واجب قبل القتل، فلا يقوم القتل مقام الغسل، دليله: لو قتل وعليه نجاسة.
ولا يلزم عليه إذا قتل محدثًا؛ لقولنا قبل: وعليه غسل واجب، والحدث الأصغر لا يوجب الغسل.
ولا يلزم عليه إذا قتلت وهي حائض أو نفساء؛ لأنها إن قتلت بعد انقطاع الدم فإنها تغسل، وإن قتلت قبل انقطاعه لم تغسل؛ لأن الحائض والنفساء لا يجب عليها الغسل إلا بالانقطاع، وانقطاعه يحصل بالموت، وإذا كان كذلك لم يكن عليها غسل واجب قبل القتل، فلم يجب غسلهما
الصفحة 205
365