كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)

أن ينزع عنه تلك الثياب ويكفنه بغيرها؟ قال: لا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "زملوهم في كلومهم".
خلافًا لأصحاب الشافعي رحمه الله في قولهم: وليه بالخيار بين أن يكفنه بها، وبين أن يكفنه بغيرها وينزع ما عليه.
دليلنا: ما روى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم.
وقوله: "يدفن بثيابهم" أمر، والأمر يقتضي الوجوب.
فإن قيل: نحمله على وجه الاستحباب.
قيل: إطلاقه يقتضي الإيجاب؛ ولأن الغالب أن ثيابهم يحصل عليها من دمائهم، فلا يجوز إزالة ذلك عنهم كما لم يجز إزالته عن أبدانهم؛ لأنه أثر الشهادة.
واحتج المخالف: بما روي أن صفية بنت عبد المطلب أرسلت ثوبين ليكفن فيهما حمزة - رضي الله عنهما - ابن عبد المطلب، فكفنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحدهما، وكفن بالآخر رجلًا من الأنصار.
والجواب: أن هذا محمول على أن حمزة - رضي الله عنه - كان قد سلبت (¬1) ثيابه، وهذا هو الظاهر من حاله؛ لأنه يقال: مُثِّل به، ولهذا كفنه في ثوب، ويحتمل أن يكون ضم الثوب إلى ما كان عليه من الثياب، ولم يسلبه إياها.
¬__________
(¬1) في الأصل: سلت.

الصفحة 221