كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)

هكذا كان ابن عمر - رضي الله عنهما - يفعل وهو أحب إليَّ، خلافًا لمالك في قوله: يبدأ في أي ناحية شاء من مقدمه أو مؤخره وعن يمينه أو عن يساره.
والدلالة على أنه يبدأ بميامنه ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يحب التيامن في طهوره وتنعله وترجله، وهذا يدل على أن جنبه اليمين يستحب البداية بها، ويدل عليه ما روى النجاد بإسناده عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: أبدأ بميامنها، وفي لفظ آخر: أنه حمل جوانب السرير فبدأ بميامنها ثم قام منها مزجر (¬1) الكلب.
والدلالة على أنه يبدأ من عند رأسه: ما روى أبو حفص العكبري بإسناده عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنه كان إذا تبع جنازة يبدأ فيحمل مقدم السرير على عاتقه الأيمن، ثم مؤخر السرير على عاتقة الأيمن، ثم مؤخرها على عاتقه الأيسر، ثم مقدم السرير على عاتقه الأيسر.
وروى بإسناده عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يفعل مثل ذلك، وهذا يدل على أن البداية بالرأس أفضل الأعضاء كلها؛ لأنه مجمع الأعضاء الشريفة، ولهذا قلنا: إذا صلى على جنازة الرجل وقف منه ما يلي رأسه فكانت البداية به أفضل.
والدلالة على أنه يختم بالرجل أحد جانب الأيسر أحد جانب الميت فكانت البداية فيه بالرأس كالأيمن.
ولأنها عبادة تتعلق بالميت فإذا استحب فيه بالميامن قبل المياسر
¬__________
(¬1) في الأصل: مؤخر.

الصفحة 245