كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)

ما أحرصكما على الإمرة، أما علمنا أن أمير المؤمنين قال: ليصل بالناس صهيب، فصلى عليه صهيب - رضي الله عنه -، وأوصى أبو بكرة أن يصلي عليه أبو برزة (¬1) - رضي الله عنهما -، وأوصى ابن مسعود أن يصلي عليه الزبير بن العوام - رضي الله عنهما -، وأوصى أبو سريحة أن يصلي عليه زيد بن أرقم - رضي الله عنهما -، فلما وضعت جنازته جاء عمرو بن حريث - رضي الله عنهما - ليصلي وكان أمير الكوفة، فقال له ابنه: أصلح الله الأمير، إن أبي أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم فقدم زيد، وأوصى أبو ميسرة أن يصلي عليه سريج - رضي الله عنهما -، وأوصت عائشة أن يصلي عليها أبو هريرة - رضي الله عنهما -، فصلى عليها وحضرها ابن عمر، وابن عباس - رضي الله عنهم -، وأوصت أم سلمة أن يصلي عليها سعيد بن [زيد] (¬2) - رضي الله عنهما -، ذكر شيخنا أبو عبد الله هذه الأخبار في كتابه، والظاهر أنه منتشر فيهم، ولم ينقل عن أحد منهم خلافه.
فإن قيل: تحمل هذه الأخبار على أن الأولياء أجازوا الوصية، فحصل ذلك بإذن منهم.
قيل: روى إسماعيل الصفار في فضائل الصحابة في أخبار عمر أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أراد أن يتقدم فقال عبد الرحمن بن عوف: إن عمر أمر صهيبًا - رضي الله عنهم - بالصلاة، وهذا يدل على أنه كان يعتبر اختياره، وإنما اتبع فيه وصية أبيه، وعلى أنه معلوم أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - لا تطيب نفسه
¬__________
(¬1) في الأصل: بردة، والصواب المثبت.
(¬2) طمس في الأصل، وينظر: "المبدع" (2/ 222).

الصفحة 248