كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 4)

قيل له: لا نسلم لك هذا أن فرض الصلاة في ذلك الوقت لم يكن سقط بغير صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما ذكروه من قوله عليه السلام: "لا تصلوا على موتاكم ما دمت بين أظهركم"، فهذا لا يدل على أن فرض الصلاة لا يسقط إلا بصلاته، وإنما يدل على أن ذلك فضيلة للميت ورحمة.
ولأنه لو كان كما قالوا لكانوا لا يدفنون قبل إقامة فرض الصلاة عليه، ولكان ينكر عليهم دفنهم قبل صلاته عليه.
فإن قيل: يجوز أن يكون خفي ذلك عليهم.
قيل له: لا يجوز أن يخفى ذلك عليهم مع كثرة الموت، وظهور الفرض في وقتهم، ولأنهم لم يقولوا: ما علمنا ذلك، وإنما قالوا: كرهنا أن نوقظك، فدل على أنهم علموا أنه فضيلة، وليس بواجب.
فإن قيل: يجوز أن يكونوا انفردوا بالصلاة لعذر عارض، ألا ترى أنهم قالوا: كرهنا أن نوقظك؟ !
قيل له: هذا النوع من العذر لا يسقط الفرض، ألا ترى أنهم كانوا يوقظونه لصلاة الفرض؟ ! ولما تأخر خروجه لصلاة الصبح قالوا: الصلاة خير من النوم، وكذلك لما تأخر في شدة الحر.
والقياس هو: أن كل من جاز أن يصلي على الميت إذا لم يكن قد صلي عليه، جاز أن يصلي عليه، وإن كان قد صلي عليه كالولي والوالي.
فإن قيل: الولي له حق التقدم، فليس لغيره أن يبطل حقه إلا أن يسقطه الولي، وإذا لم يسقط حقه وصلى عليه جاز وانتقضت الصلاة

الصفحة 299