كتاب الغاية في اختصار النهاية (اسم الجزء: 4)

وإن وصَّى لإخوة فلان؛ فإن كانوا ذكورًا فالوصيَّةُ لهم، وإن كنَّ إناثًا فلا شيء لهنَّ، وإن كانوا ذكورًا وإناثًا فلا شيء للإناث على النصِّ.
وإن وصَّى لمولاه، وله عتيقٌ أو مُعْتِقٌ، فالوصيَّةُ له، ولا يدخل فيه مولى المحالفة، فإن كان له عتقاءُ فالوصيَّةُ لكلِّ مَن ثبت ولاؤه عليه؛ فرضًا كان عتقُه أو تطوُّعًا، وفي أمّ الولد والمدبَّر خلاف، وإن كان له عتيقٌ ومُعْتِقٌ فهل يُقسم بينهما، أو يُوقف حتَّى يصطلحا؟ فيه قولان، وقال أبو ثور (¬1): يُقرع بينهما، وقال أبو حنيفة: تبطل الوصيَّة.
وإن وصَّى لجيرانه فقد حدَّ العراقيُّون الجوار بأربعين دارًا من كلِّ جانب، والظاهر من مذهب الشافعيِّ: أنَّ الجار هو الملاصِقُ من جميع الجوانب، وفيمَن لا يلاصِقون ويجمعُهم دربٌ غيرُ نافذ وجهان، وفيمن يحاذي في السكَّة النافذة وجهان؛ فإن قلنا: يَستحقُّ، لم نَشْرط حقيقةَ المحاذاة، فإن انحرف قليلًا فلا بأس، وضبطه الإمام بأن تكون دارُه من دار الموصي بحيث يُتَوقَّع منها ضررُ الاطِّلاع، وهذا ينبِّه على التفرقة بين الطريق الضيِّق والمتَّسع، فلا يكون المحاذي جارًا عند اتِّساع الطريق، فحصل من الخلاف ثلاثةُ أوجه.
وإن وصَّى لصنفٍ من أصناف الزكاة، صُرف إليهم على ما سنصِفُهم
¬__________
(¬1) أبو ثور: هو إبراهيم بن خالد، قال ابن حِبَّان: أحد أئمَّة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا.
كان على مذهب أبي حنيفة، فلمَّا قدم الشافعيّ بغدادَ تبعه، قال عنه الرافعي: له مذهب مستقلٌّ، وقال النوويُّ: اتفقوا على توثيقه وجلالته، من مصَّنفاته الكثيرة كتاب "ذكر فيه اختلاف مالك والشافعي" وذكر فيه مذهبه، توفي سنة (240 هـ).

الصفحة 449