كتاب الغاية في اختصار النهاية (اسم الجزء: 4)

الدرب أم لا؟ وفيه وجهان.
وأيُّ جادّة صُودفت نافذةً مسلوكةً حُكم بأنَّها شارعٌ عامٌّ يُستحقُّ طروقها، ويجوز إشراع الأجنحة إِليها، وفتحُ الأبواب.
وتصير البقعة شارعًا عامّا بأحد أمرين: إِمَّا تسبيلُ المالك، وإمَّا أن تُحيي البلدة أو القرية، وتُفتحَ أبوابها إِلى صوبٍ واحد نافذ؛ ليتَّخذ مسلكًا بين البساتين والدور؛ لأنَّ وضع الأبنية على هذه الهيئة يقوم مقام تأثير الإحياء في المُحْيىَ، ولا يفتقر ذلك إِلى نطق المُحْيِين.
ويجوز استطراقُ جميع المَوات، فإِن كان الناس يطرقونه جاز إِحياؤه وصرفُه عن الممرِّ بالتحويط وغيره، وقال أبو محمد: لا يجوز ذلك في الجادَّة المِيتاء التي يَطْرُقها الرفاق، وتردَّد في بُنيَّات الطرق (¬1) التي يعرفها خواصُّ كلِّ بقعة.
وأمَّا الدرب المنسدُّ فيختصُّ بالذين أبوابهم فيه، ولهم سدُّه والمنعُ من دخوله، وإنَّما يجوز دخوله عند فتحه؛ لأنَّه من المباح المستند إِلى قرائن الأحوال.
وقال الأئمَّة: يملكون عرصته، ولهم أن يوسعوا بها دورهم ورباعهم. ولو صار الجميع لواحد، فأدخله في ملكه، وفتح الأبواب إِلى الشارع العامِّ جاز. وجوَّز أبو محمَّد بيعه، ويثبت اختصاصهم بملكه بالطريق الذي يثبت به الشارع العامُّ، غيرَ أنَّها أثبتت على هيئة الاختصاص، فمُلكت كذلك،
¬__________
(¬1) بُنيَّات الطرق: هي الطرق الصغار تنشعب من الجادة. انظر: "لسان العرب" لابن منظور (مادة: بني).

الصفحة 71