كتاب الشرح الكبير على متن المقنع (اسم الجزء: 4)

وبه يقول أبو حنيفة والشافعي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم لأن ذلك ليس بقبول ولا استدعاء (مسألة) (وإن تراخى القبول عن الإيجاب صح ماداما في المجلس ولم يتشاغلا بما يقطعه وإلا فلا) لأن حالة المجلس كحالة العقد بدليل أنه يكتفى بالقبض فيه لما يشترط قبضه، فإن تفرقا عن المجلس أو تشاغلا بما يقطعه لم يصح لأن العقد إنما يتم بالقبول فلم يتم مع تباعده عنه كالاستثناء والشرط وخبر المبتدأ الذي لايتم الكلام إلا به
(مسألة) (الثانية المعاطاة) وهو أن يقول: أعطني بهذا الدينار خبزاً فيعطيه ما يرضيه أو يقول البائع خذ هذا بدرهم فيأخذه، وقال القاضي لا يصح هذا إلا في الشئ اليسير نص أحمد على صحة هذا البيع فيمن قال لخباز كيف تبيع الخبز؟ قال كذا بدرهم قال زنه وتصدق به فإذا وزنه فهو عليه وقول مالك نحو من هذا فإنه قال: يقع البيع بما يعتقده الناس بيعاً، وقال بعض الحنفية يصح في خسائس الأشياء: وهو قول القاضي لأن العرف إنما جرى به في الشئ اليسير ومذهب الشافعي أن البيع لا يصح إلا بإيجاب وقبول، وذهب بعض أصحابه إلى مثل قولنا ولنا أن الله تعالى أحل البيع ولم يبين كيفيته فوجب الرجوع فيه إلى العرف كما رجع إليه في القبض والإحراز والتفريق، والمسلمون في أسواقهم وبياعاتهم على ذلك، ولأن البيع كان موجوداً بينهم معلوماً عندهم.
وإنما علق الشرع عليه أحكاماً وأبقاه على ما كان فلا يجوز تغييره بالرأي والتحكم ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه مع كثرة وقوع البيع بينهم استعمال الإيجاب والقبول.
ولو استعملوا ذلك في بياعاتهم لنقل نقلاً شائعاً، ولو كان ذلك شرطاً لوجب نقله ولم يتصور منهم اهماله والغفلة عن نقله ولأن البيع مما تعم به البلوى فلو اشترط الإيجاب والقبول لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانا عاما ولم يخف حكمه لأنه يفضي إلى وقوع العقود الفاسدة كثيراً وأكلهم المال بالباطل ولم ينقل ذلك

الصفحة 4