كتاب الشرح الكبير على متن المقنع (اسم الجزء: 4)

وفارق المحجور عليه لحق غيره فإن المانع تعلق حق الغرماء بماله فيزول المانع بزوال الحق عن ماله فيثبت مقتضى إقراره وفي مسئلتنا انتفى الحكم لخلل في الإقرار فلم يثبت كونه سبباً وبزوال الحجر لم يكمل السبب فلا يثبت الحكم مع اختلال السبب كما لا يثبت بعد فك الحجر ولأن الحجر لحق الغير فلم يمنع تصرفهم في ذممهم فأمكن تصحيح إقرارهم في ذممهم على وجه لا يضر بغيرهم والحجر ههنا لحظ نفسه من أجل ضعف قلبه وسوء تصرفه ولا يندفع الضرر إلا بإبطال إقراره بالكلية كالصبي والمجنون.
فأما صحته فيما بينه وبين الله تعالى فإن علم صحة ما أقر به كدين لزمه من جناية أو دين لزمه قبل الحجر عليه فعليه أداؤه لانه علم أن عليه حقاً فلزمه أداؤه كما لو لم يقر به، وإن علم فساد إقراره مثل إن علم أنه أقر بدين ولا دين عليه أو بجناية لم توجد منه أو أقر بما لا يلزمه مثل أن أتلف مال من دفعه إليه بقرض أو بيع لم يلزمه أداؤه لأنه يعلم إنه لا دين عليه فلم يلزمه كما لو لم يقر به {مسألة} (وحكم تصرف وليه حكم تصرف ولي الصبي والمجنون على ما ذكرنا من قبل) لأنه محجور عليه لحظه فهو كالصبي والمجنون {مسألة} قال الشيخ رحمه الله (وللولي أن يأكل من مال المولى عليه بقدر عمله إذا احتاج إليه) وإن كان غنياً لم يجز له ذلك إذا لم يكن أبا لقول الله تعالى (فمن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف) وإذا كان فقيراً فله أقل الأمرين أجرته أو قدر كفايته لأنه يستحقه بالعمل والحاجة جميعاً فلم يجز أن يأخذ إلا ما وجدا فيه وقال ابن عقيل يأكل وإن كان غنياً قياساً على العمل في الزكاة والآية
محمولة على الاستحباب والأول أولى لظاهر الآية {مسألة} (وهل يلزمه عوض ذلك إذا أيسر؟ على روايتين) أما إذا كان أبا فلا يلزمه رواية واحدة لأن للأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء مع الحاجة وعدمها وإن كان غير الأب لم يلزمه عوض ذلك في إحدى الروايتين وهذا قول الحسن والنخعي وأحد قولي الشافعي لأن الله تعالى أمر بالأكل من غير ذكر عوض فأشبه سائر ما أمر بأكله، ولأنه عوض عن عمله فلم يلزمه بدله كالأجير والمضارب (والثانية) يلزمه عوضه وهو قول عبيدة السلماني وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي العالية لأنه استباحة بالحاجة من مال غيره فلزمه قضاؤه كالمضطر إلى طعام غيره، والأول أصح لأنه لو وجب عليه إذا أيسر لكان واجباً في الذمة قبل اليسار فإن اليسار ليس سبباً للوجوب فاذا لم يجب بالسبب الذي هو الأكل لم يجب بعده وفارق المضطر فإن العوض واجب عليه في ذمته، ولأنه لم يأكله عوضاً عن شئ وهذا بخلافه {مسألة} (وكذلك يخرج في الناظر في الوقف) قياساً عليه {مسألة} (ومتى زال الحجر عنه فادعى على الولي تعدياً أو ما يوجب ضماناً فالقول قول الولي) إذا ادعى الولي الإنفاق على الصبي والمجنون أو على ماله أو عقاره بالمعروف من ماله أو أدعى

الصفحة 531