(1588) وقد أخرج البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث عائشة رضي الله عنها حديث سحر رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقد بينا معنى «أعوذ» في أول كتابنا. وفي الْفَلَقِ ستة أقوال «1» :
أحدها: أنه الصبح، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، والقرظي وابن زيد، واللغويون قالوا: ويقال: هذا أبين من: فَلَق الصبح وَفَرَقَ الصبح. والثاني:
أنه الخلق كلّه. رواه الوالبي عن ابن عباس. وكذلك قال الضحاك: العلق: الخَلْق كلُّه. والثالث: سِجْن في جهنم، روي عن ابن عباس أيضاً. وقال وهب والسدي: جُبٌّ في جهنم. وقال ابن السائب: وادٍ في جهنم. والرابع: شجرة في النار، قاله عبد الله بن عمر. والخامس: أنه كُلُّ ما انفلق عن شيء كالصبح، والحَبُّ، والنَّوى، وغير ذلك، قاله الحسن. قاله الزجاج: وإذا تأملت الخلق بَانَ لك أن أكثره عن انفلاق، كالأرض بالنبات، والسحاب بالمطر. والسادس: أنه اسم من أسماء جهنم، قاله أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الحبلي.
قوله عزّ وجلّ: مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وقرأ ابن السميفع، وابن يعمر: «خُلِق» بضم الخاء، وكسر اللام. فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه عام، وهو الأظهر. والثاني: أن شر ما خُلِق: إبليسُ وذُريته، قاله الحسن. والثالث: جهنم، حكاه الماوردي.
وفي «الغاسق» أربعة أقوال: أحدها: أنه القمر، روت عائشة قالت: نظر رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى القمر، فقال:
(1589) «استعيذي بالله من شره فإنه الغاسق إذا وقب» ، رواه الترمذي، والنسائي في كتابيهما.
قال ابن قتيبة: ويقال: الغاسق: القمر إذا كسف فاسودَّ. ومعنى وَقَبَ دخل في الكسوف.
__________
صحيح. أخرجه البخاري 3175 و 6063 ومسلم 2189 وابن ماجة 3545 وأحمد 6/ 63 وابن حبان 6584 عن عائشة قالت: مكث النبي صلّى الله عليه وسلم كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي أهله ولا يأتي، قالت عائشة: فقال لي ذات يوم «يا عائشة إن الله تعالى أفتاني في أمر استفتيته فيه، أتاني رجلان فجلس أحدهما عند رجليّ والآخر عند رأسي، فقال الذي عند رجليّ للذي عند رأسي: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب يعني مسحورا، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم، قال: وفيم؟ قال في جفّ طلعة ذكره في مشط ومشاطة تحت رعوفة في بئر ذروان، فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقال: هذه البئر التي أريتها كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين، وكأن ماءها نقاعة الحنّاء، فأمر به النبي صلّى الله عليه وسلم فأخرج، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، فهلا- تعني تنشّرت، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم أمّا الله فقد شفاني، وأما أنا فأكره أن أثير على الناس شرا، قالت: «ولبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود» لفظ البخاري بحروفه في الرواية الثانية، فعليك به، ودع الروايات الواهية والضعيفة.
ضعيف. أخرجه أحمد 6/ 206 والبغوي في «شرح السنة» 1361 من طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن خالد بن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عائشة به. وأخرجه الترمذي 3366 وأحمد 6/ 61 و 206 و 215 و 237 و 252 وأبو يعلى 4440 وأبو الشيخ في «العظمة» 681 والحاكم 2/ 541. والطبري 38377 من طرق عن ابن أبي ذئب به. -
__________
(1) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» 12/ 748: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله عز وجل أمر نبيه محمد صلّى الله عليه وسلم أن يقول: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ والفلق من كلام العرب: فلق الصبح.
وقال ابن كثير رحمه الله وهذا هو الصحيح، وهو اختيار البخاري في «صحيحه» رحمه الله تعالى. [.....]