كتاب فتاوى اللجنة الدائمة - 2 (اسم الجزء: 4)

ج: وبعد الدراسة والتأمل أجابت اللجنة بما يأتي: أن هذا الذي قاله في هاتين المسألتين خطأ واضح؛ لأنه من المستقر في الشرع المطهر وجوب إعفاء اللحية بدلالة الفطرة وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوفير اللحية، والأصل في الأمر أنه للوجوب، والأمر بمخالفة المشركين من المجوس وغيرهم، والأصل في النهي أنه للتحريم، وأنه يحرم على المسلم التعرض للحيته بحلق أو قص أو نتف لمخالفته الدلائل المذكورة، وأدلة هذا الحكم كما يأتي:
أما دلالة الفطرة: فقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية والسواك (¬1) » الحديث. رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن وغيرهم.
وأما سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت من صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية (¬2) » ، وفي لفظ: «كثير شعر اللحية (¬3) » . وكانت قراءته صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية يعرفها من خلفه باضطراب لحيته، كما في (صحيح البخاري) وغيره من حديث أبي معمر رضي الله عنه.
وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم: فقد كثرت السنن الصحيحة بذلك صريحة في الأمر بها بلفظ: «أعفوا اللحى (¬4) » ، ولفظ: " أرخوا "، ولفظ: " وفروا "، ولفظ: " أوفوا ". وهذه الألفاظ تعني عدم التعرض للحية بحلق أو قص أو نتف.
¬__________
(¬1) صحيح مسلم الطهارة (261) ، سنن الترمذي الأدب (2757) ، سنن النسائي الزينة (5040) ، سنن أبي داود الطهارة (53) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (293) ، مسند أحمد (6/137) .
(¬2) سنن النسائي الزينة (5232) .
(¬3) صحيح مسلم الفضائل (2344) .
(¬4) صحيح البخاري اللباس (5893) ، صحيح مسلم الطهارة (259) ، سنن الترمذي الأدب (2764) ، سنن النسائي الزينة (5046) ، سنن أبي داود الترجل (4199) ، مسند أحمد (2/156) ، موطأ مالك الجامع (1764) .

الصفحة 54