كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 4)

نَّسِينا أوْ أخْطَأْنَا}، قال: بلغني: أنّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنّ الله -تبارك وتعالى- تجاوز لهذه الأمة على نسيانها، وما حدثت به أنفسها» (¬١). (ز)

١١٧٣١ - عن محمد بن كعب القرظي -من طريق خالد بن زيد- {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}: فوضع عنهم الخطأ، والنسيان (¬٢). (٣/ ٤١٥)

١١٧٣٢ - عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط-: أنّ هذه الآية حين نزلت {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال له جبريل: إنّ الله فعل ذلك، يا محمد (¬٣). (٣/ ٤٢٦)

١١٧٣٣ - قال محمد بن السائب الكلبي: كانت بنو إسرائيل إذا نسوا شيئًا مِمّا أُمروا به وأخطأوا عُجِّلَتْ لهم العقوبة، فيُحَرَّم عليهم شيءٌ من مطعم أو مشرب على حسب ذلك الذنب، فأمر الله تعالى نبيَّه والمؤمنين أن يسألوه تركَ مؤاخذتهم بذلك (¬٤). (ز)

١١٧٣٤ - قال مقاتل بن سليمان: ثم علَّم جبريلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أن يقول: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، يقول: إن جهلنا عن شيء، أو أخطأنا، فتَرَكَنْا أمرَك. قال الله - عز وجل -: ذلك لك (¬٥). (ز)

١١٧٣٥ - قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}: إن نسينا شيئًا مما افترضته علينا، أو أخطأنا شيئًا مما حرَّمته علينا (¬٦) [١٠٨٣]. (ز)
---------------
[١٠٨٣] بيَّن ابنُ جرير (٥/ ١٥٥ - ١٥٧) أنّ النسيان في الآية يحتمل معنيين: أحدهما: على وجه التفريط من العبد والتضييع. والآخر: على وجه العجز عن التَّذَكُّر. وأنّ الخطأ يحتمل معنيين: أحدهما: إتيان العبد ما نُهي عنه بقصد وإرادة. والآخر: ما كان فعله من العبد على وجه الجهل.
ثم رجَّح مستندًا إلى الدلالة العقلية المعنى الأول في كلٍّ، مُعَلِّلًا ذلك بأنّ النسيان الناتج عن ضعف العقل والعجز، وكذا الخطأ غير المقصود؛ مِمّا قد وضعه الله عن العبد لخروجه عن مقدوره، فلا وجه لمسألة العبد ربه أن لا يؤاخذه به.
وخالفه ابنُ عطية (٢/ ١٤٢ - ١٤٣)، فرجح مستندًا إلى الدلالة العقلية أنّ المراد بالنسيان والخطأ: النسيان الغالب، والخطأ غير المقصود. ونسبَه لكثيرٍ من العلماء، وبيَّن أن قول قتادة والسدي يفيد ظاهرهما ذلك، ثم علَّل ترجيحه بقوله: «وذلك أنّ المؤمنين لما كشف عنهم ما خافوه في قوله تعالى {يحاسبكم به الله} أُمِرُوا بالدعاء في دفع ذلك النوع الذي ليس من طاقة الإنسان دفعه، وذلك في النسيان والخطأ، والإصر: الثقل، وما لا يطاق على أتم أنواعه. وهذه الآية على هذا القول تقضي بجواز تكليف ما لا يطاق، ولذلك أُمِر المؤمنون بالدعاء في أن لا يقع هذا الجائز الصعب».
_________
(¬١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ١٧٩ (٣٦٨)، وابن جرير ٥/ ١٥٥ مرسلًا.
وقد ورد ما يشهد له من طُرُق أخرى موصولًا.
(¬٢) أخرجه ابن المنذر (١٨٣). وعزاه الحافظ ابن حجر في العجاب في بيان الأسباب ١/ ٥٦٣ والسيوطي إلى الفريابي، وعبد بن حميد.
(¬٣) أخرجه ابن جرير ٥/ ١٥٥.
(¬٤) تفسير الثعلبي ٢/ ٣٠٧، وتفسير البغوي ١/ ٣٥٧.
(¬٥) تفسير مقاتل بن سليمان ١/ ٢٣١.
(¬٦) أخرجه ابن جرير ٥/ ١٥٥.

الصفحة 736