كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ رَجْعِيَّةً لَا أَجْنَبِيَّةً وَلَوْ مُخْتَلِعَةً، أَوْ أَمَةً كَالطَّلَاقِ فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَصِحَّ، وَشُرِطَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ كَوْنُهُ كُلُّ أُنْثَى مُحْرِمٍ أَوْ جُزْءِ أُنْثَى مُحْرِمٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، لَمْ تَكُنْ حِلًّا لِلزَّوْجِ كَبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ مِنْ نَسَبٍ وَمُرْضِعَةِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ الَّتِي نَكَحَهَا قَبْلَ وِلَادَتِهِ أَوْ مَعَهَا، فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْأُنْثَى مِنْ ذَكَرٍ وَخُنْثَى لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ التَّمَتُّعِ، وَبِخِلَافِ مَنْ كَانَتْ حَلَالَهُ كَزَوْجَةِ ابْنِهِ، وَبِخِلَافِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ تَحْرِيمَهُنَّ لَيْسَ لِلْمَحْرَمِيَّةِ بَلْ لِشَرَفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ كَانَتْ وِلَادَتُهَا، قَبْلَ إرْضَاعِهِ فَلَا يَصِحُّ التَّشْبِيهُ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ صَحَّ وَكَذَا إنْ كَانَتْ مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ.

تَنْبِيهٌ: يَصِحُّ تَأْقِيتُ الظِّهَارِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا تَغْلِيبًا لِلْيَمِينِ. فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ كَانَ ظِهَارًا مُؤَقَّتًا وَإِيلَاءً لِامْتِنَاعِهِ مِنْ وَطْئِهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّحْرِيمِ فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ، فَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْت مِنْ ضَرَّتِك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَظَاهَرَ مِنْهَا فَمُظَاهَرٌ مِنْهُمَا عَمَلًا بِمُقْتَضَى التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ.

(فَإِذَا قَالَ) الْمُظَاهِرُ (ذَلِكَ وَلَمْ يُتْبِعْهُ بِالطَّلَاقِ) بِأَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَ ظِهَارِهِ زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ وَلَمْ يَفْعَلْ (صَارَ عَائِدًا) لِأَنَّ تَشْبِيهَهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَتِهِ قَوْلُهُ: (لَمْ تَكُنْ حِلًّا لِلزَّوْجِ) أَيْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا قَبْلَ صَيْرُورَتِهَا مَحْرَمًا حَالَةَ حِلٍّ أَيْ حَالَةَ تَحِلُّ لَهُ فِيهَا بَعْدَ وِلَادَتِهَا.
قَوْلُهُ: (وَمُرْضِعَةِ أَبِيهِ) خَرَجَ مُرْضِعَةُ الْمُظَاهِرِ فَإِنَّهُ طَرَأَ تَحْرِيمُهَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَلَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ بِهَا ظِهَارًا.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ وِلَادَتِهِ) قَيَّدَ بِهِ لِيُلَائِمَ قَوْلَهُ: لَمْ تَكُنْ حِلًّا لِلزَّوْجِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ ذَكَرٍ) بِأَنْ كَانَ أَخَاهُ قَوْلُهُ: (كَزَوْجَةِ ابْنِهِ) : أَيْ وَأَمِّ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهَا لِأَنَّ تَحْرِيمَ مَنْ ذَكَرَ طَارِئٌ، وَعِبَارَةُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ، وَزَوْجَةُ ابْنِهِ بِالنُّونِ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ وَكَذَا زَوْجَةُ أَبِيهِ الَّتِي نَكَحَهَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ كَمَا عُلِمَ فَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ امْرَأَةِ أَبِي فَإِنْ كَانَ أَبُوهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ وُجُودِهِ أَوْ مَعَهُ صَارَ مُظَاهِرًا أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَصِرْ مُظَاهِرًا وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ كَالنِّكَاحِ فَمَوْطُوءَةُ أَبِيهِ بِشُبْهَةٍ كَزَوْجَتِهِ وَكَذَا الْوَطْءُ بِالْمِلْكِ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي زَوْجَةِ الِابْنِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَبِخِلَافِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: مُحَرَّمٍ وَبَقِيَّةُ الْأَنْبِيَاءِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَصِحُّ التَّشْبِيهُ بِهَا) لِأَنَّهَا كَانَتْ حِلًّا لَهُ قَبْلَ إرْضَاعِهِ أَيْ فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ) : أَيْ الرَّضَاعِ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا إنْ كَانَتْ مَعَهُ) بِأَنْ انْفَصَلَتْ مَعَ آخَرَ رَضَّعَتْهُ الْخَامِسَةَ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّحْرِيمِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِلًّا لَهُ أَصْلًا.

قَوْلُهُ: (تَغْلِيبًا لِلْيَمِينِ) أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ كُلًّا مِنْ الْيَمِينِ وَالطَّلَاقِ كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الزَّمَانِ الْمَكَانُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي الْبَيْتِ فَيُحَرَّمُ التَّمَتُّعُ بِهَا، فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ دُونَ غَيْرِهِ ح ل. قَالَ شَيْخُنَا: وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الظِّهَارَ يُشَبَّهُ بِالْيَمِينِ مِنْ حَيْثُ الْكَفَّارَةُ، وَالطَّلَاقِ مِنْ حَيْثُ التَّحْرِيمُ فَاحْتِمَالُهُ التَّأْقِيتَ بِنَاءٌ عَلَى تَغْلِيبِ شَبَهِهِ بِالْيَمِينِ لَا بِالطَّلَاقِ إذْ لَا يَصِحُّ تَأْقِيتُهُ فَلَا يُقَالُ: أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرًا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (كَانَ ظِهَارًا مُؤَقَّتًا وَإِيلَاءً) أَيْ فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُمَا فَتَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ وَطِئَ انْحَلَّ حُكْمُ الْإِيلَاءِ وَصَارَ عَائِدًا فِي الظَّاهِرِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا ثَانِيًا حَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ تَفْرُغَ الْمُدَّةُ وَهَلْ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ لِلْإِيلَاءِ أَوْ لَا؟ وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ كَأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِلْإِيلَاءِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ لَمْ تَلْزَمْهُ لِلْإِيلَاءِ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ جَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِيلَاءِ مِنْ ضَرْبِ الْمُدَّةِ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُتْبِعْهُ بِالطَّلَاقِ) أَيْ مِثْلًا إذْ مِثْلُ الطَّلَاقِ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُمْسِكَهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ قَوْلُهُ: (زَمَنَ إمْكَانِ فُرْقَةٍ) أَيْ شَرْعًا فَلَا عَوْدَ فِي نَحْوِ حَائِضٍ إلَّا بَعْدَ انْقِطَاعِ دَمِهَا لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ الشَّرْعِيَّ كَالْحِسِّيِّ شَرْحُ مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَفْعَلْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِأَنَّهُ مَتَى أَمْسَكَهَا زَمَنًا يَسَعُ الْفُرْقَةَ صَارَ عَائِدًا سَوَاءٌ فَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفْعَلْ أَيْ فِي زَمَنِ الْإِمْسَاكِ وَيَكُونُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ لِأَنَّهُ مَعْنَى الْإِمْسَاكِ، أَمَّا الْفِعْلُ بَعْدَ الْإِمْسَاكِ فَلَا يُفِيدُ شَيْئًا.
قَوْلُهُ: (صَارَ عَائِدًا) وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ فِي شَرْحِهِ وَالْعَوْدُ هُوَ أَنْ يُمْسِكَهَا فِي النِّكَاحِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، لَكِنْ لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا ثُمَّ جَامَعَ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، عَلَى

الصفحة 14