كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْأَصْحَابُ: مُلَاحَظَةُ الشَّافِعِيِّ فِي الْعَيْبِ هُنَا مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ نَظِيرُ مُلَاحَظَتِهِ فِي عَيْبِ الْأُضْحِيَّةِ، مَا يُنْقِصُ اللَّحْمَ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودَ فِيهَا وَفِي عَيْبِ النِّكَاحِ مَا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْجِمَاعِ وَفِي عَيْبِ الْمَبِيعِ مَا يُخِلُّ بِالْمَالِيَّةِ فَاعْتُبِرَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَا يَلِيقُ بِهِ فَيُجْزِئُ، صَغِيرٌ وَلَوْ ابْنَ يَوْمٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَلِأَنَّهُ يُرْجَى كِبَرُهُ كَالْمَرِيضِ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَأَقْرَعُ وَهُوَ مَنْ لَا نَبَاتَ بِرَأْسِهِ، وَأَعْرَجُ يُمْكِنُهُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِأَنْ يَكُونَ عَرَجُهُ غَيْرَ شَدِيدٍ، وَأَعْوَرُ لَمْ يُضْعِفْ عَوَرُهُ بَصَرَ عَيْنِهِ السَّلِيمَةِ، وَأَصَمُّ وَهُوَ فَاقِدُ السَّمْعِ، وَأَخْرَسُ إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَيَفْهَمُ بِالْإِشَارَةِ، وَفَاقِدُ أَنْفِهِ وَفَاقِدُ أُذُنَيْهِ وَفَاقِدُ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ، وَلَا يُجْزِئُ زَمِنٌ وَلَا فَاقِدُ رَجُلٍ أَوْ خِنْصَرٍ وَبِنْصَرٍ مِنْ يَدٍ أَوْ فَاقِدُ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَلَا فَاقِدُ أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ لِتَعَطُّلِ مَنْفَعَةِ الْيَدِ. وَلَا يُجْزِئُ هَرَمٌ عَاجِزٌ وَلَا مَرِيضٌ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ. فَإِنْ بَرِئَ بَانَ الْإِجْزَاءُ عَلَى الْأَصَحِّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ لَهُ قُدْرَةً عَلَى الْكَسْبِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ لِأَنَّ الْكَسْبَ قَدْ يَحْصُلُ بِلَا عَمَلٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اهـ. عش عَلَى مَرَّ.
قَوْلُهُ: (كَلًّا) : أَيْ ثَقِيلًا أَيْ عَاجِزًا عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُنْفِقٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْكَلُّ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِأَمْرِ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ ابْنَ يَوْمٍ) . وَتَكُونُ نَفَقَتُهُ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَخَالَفَ الْغُرَّةَ حَيْثُ لَا يُجْزِئُ فِيهَا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ لِأَنَّهَا حَقُّ آدَمِيٍّ، وَغُرَّةُ الشَّيْءِ خِيَارُهُ. وَاسْتَشْكَلَ الْإِجْزَاءُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ بَطْشَ يَدَيْهِ، وَمَشْيَ رِجْلَيْهِ وَإِبْصَارَ عَيْنَيْهِ وَسَمَاعَ أُذُنَيْهِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِجْزَاءِ فِيهِ بِنَاءٌ عَلَى السَّلَامَةِ فَإِنْ بَانَ خِلَافُهَا نَقَضَ الْحُكْمَ ز ي بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ عَقِبَ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِظَاهِرِ السَّلَامَةِ.
قَوْلُهُ: (لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ) فِيهِ أَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُقَيَّدْ بِعَدَمِ الْعِوَضِيَّةِ وَبِعَدَمِ عَيْبٍ يُخِلُّ بِالْعَمَلِ فَهَلَّا تَمَسَّكْتُمْ بِالْإِطْلَاقِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا أَيْضًا وَقُلْتُمْ بِإِجْزَائِهِ مَعَ الْعِوَضِيَّةِ وَالْعَيْبِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِمَا عُلِمَ مِنْ السُّنَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَأَقْرَعُ وَأَعْرَجُ) عِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ وَأَقْرَعُ أَعْرَجُ بِإِسْقَاطِ حَرْفِ الْعَطْفِ، لِيُعْلَمَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهِ أَحَدُهُمَا يُجْزِي بِالْأَوْلَى. اهـ. زي.
قَوْلُهُ: (يُمْكِنُهُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ) : أَيْ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً ح ل.
قَوْلُهُ: (وَأَعْوَرُ لَمْ يُضْعِفُ عَوَرُهُ إلَخْ) وَقَرَّرَ شَيْخُنَا إجْزَاءَ مَنْ يُبْصِرُ نَهَارًا وَلَا يُبْصِرُ لَيْلًا اكْتِفَاءً بِإِبْصَارِهِ وَقْتَ الْعَمَلِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَقْتَ عَمَلِهِ اللَّيْلُ لَا يُجْزِئُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ وَقْتُ الْعَمَلِ بِالْفِعْلِ حُرِّرَ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجَرٍ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ يُبْصِرُ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ يَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي فِي الْمَجْنُونِ وَذَكَرَ عَنْ بَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ: أَنَّ الْمَجْنُونَ الَّذِي يُفِيقُ وَيُجَنُّ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ إفَاقَتُهُ نَهَارًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ غَالِبَ الْكَسْبِ إنَّمَا يَتَيَسَّرُ نَهَارًا قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَيَسَّرَ لَهُ لَيْلًا أَجْزَأَهُ حَرَّرَ حَلَّ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُضْعِفْ عَوَرُهُ) أَيْ ضَعْفًا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ قَوْلُهُ: (وَأَصَمُّ وَأَخْرَسُ) : فَإِنْ اجْتَمَعَا أَجْزَأَ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ الْخَرَسِ الْأَصْلِيِّ الصَّمَمَ حَلَّ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَمَا فِي الْإِسْعَادِ لِابْنِ أَبِي شَرِيفٍ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ الصَّمَمُ وَالْخَرَسُ أَجْزَأَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ اهـ.
وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ ضَعْفَ مَا فِي الدَّمِيرِيِّ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَمِنْ وَلَدٍ أَخْرَسَ يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ تَبَعًا أَوْ بِإِشَارَتِهِ الْمُفْهِمَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ خِلَافًا لِمَنْ اشْتَرَطَ صَلَاتَهُ حَلَّ.
قَوْلُهُ: (إذَا فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَيَفْهَمُ بِالْإِشَارَةِ) : قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: الظَّاهِرُ تَلَازُمُ الْمَعْنَيَيْنِ، فَمَنْ فَهِمَ الْإِشَارَةَ أَفْهَمَ بِهَا وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَفَاقِدُ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ) : لِأَنَّ فَقْدَ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْعَمَلِ بِخِلَافِ فَاقِدِ أَصَابِعِ يَدِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ خِنْصَرٍ وَبِنَصْرٍ) . أَيْ أَوْ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَتْنُ الْمَنْهَجِ أَيْ بِخِلَافِ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ فَقَدَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ فَاقِدُ أُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا) : وَعِبَارَةُ الدِّمْيَاطِيِّ وَيُجْزِئُ مَقْطُوعُ الْخِنْصَرِ مِنْ يَدٍ وَالْبِنْصِرِ مِنْ أُخْرَى وَالْمَجْبُوبُ وَالْأَمَةُ الرَّتْقَاءُ وَالْقَرْنَاءُ اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا فَاقِدُ أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ) : أَيْ لِكَوْنِهِ ذَا أُنْمُلَتَيْنِ فَقَطْ فَلَوْ كَانَ ذَا ثَلَاثَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ فَقْدُ أُنْمُلَةٍ قِيَاسًا عَلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَلَوْ كَانَتْ السَّبَّابَةُ أَوْ الْوُسْطَى ذَاتَ أَرْبَعٍ، هَلْ يُغْتَفَرُ فَقْدُ أُنْمُلَتَيْنِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْزِئُ هَرِمٌ) الْهَرِمُ بِكَسْرِ الرَّاءِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْهَرَمِ بِفَتْحِهَا، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ مَرَضٌ طَبِيعِيٌّ ز ي وَفِي الْمُخْتَارِ الْهَرَمُ كِبَرُ السِّنِّ وَقَدْ هَرِمَ مِنْ بَابِ طَرِبَ.
قَوْلُهُ: (عَاجِزٌ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَصْفٌ غَيْرُ كَاشِفٍ لِلِاحْتِرَازِ، عَمَّا إذَا كَانَ هَرِمًا يَقْدِرُ عَلَى صَنْعَةٍ يَكْتَفِي بِهَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَرِئَ) أَيْ كُلٌّ

الصفحة 19