كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: كَمَالُ الرِّقِّ فِي الْإِعْتَاقِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، فَلَا يُجْزِئُ شِرَاءُ قَرِيبٍ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بِأَنْ كَانَ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا بِنِيَّةِ عِتْقِهِ عَنْ كَفَّارَتِهِ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِجِهَةِ الْقَرَابَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهَا إلَى الْكَفَّارَةِ وَلَا عِتْقُ أُمِّ وَلَدٍ لِاسْتِحْقَاقِهَا الْعِتْقَ وَلَا عِتْقُ ذِي كِتَابَةٍ صَحِيحَةٍ لِأَنَّ عِتْقَهُ يَقَعُ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ، وَيُجْزِئُ مُدَبَّرٌ وَمُعَلَّقٌ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ: خُلُوُّ الرَّقَبَةِ عَنْ شَوْبِ الْعِوَضِ، فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ بِعِوَضٍ، يَأْخُذُهُ مِنْ الرَّقِيقِ كَأَعْتَقْتُكَ عَنْ كَفَّارَتِي عَلَى أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ كَأَعْتَقْتُ عَبْدِي هَذَا عَنْ كَفَّارَتِي بِأَلْفٍ لِي عَلَيْك، فَقِيلَ: لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْإِعْتَاقُ عَنْ كَفَّارَتِهِ. وَضَابِطُ مَنْ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ كُلُّ مَنْ مَلَكَ رَقِيقًا أَوْ ثَمَنَهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ فَاضِلًا عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ شَرْعًا، نَفَقَةً وَكُسْوَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْهَرَمِ وَالْمَرِيضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُعْتِقَ أَعْمَى فَأَبْصَرَ، فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَالْفَرْقُ تَحَقُّقُ الْيَأْسِ فِي الْعَمَى، وَعَوْدُ الْبَصَرِ نِعْمَةٌ جَدِيدَةٌ بِخِلَافِ الْمَرَضِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. قَدْ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ لَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ بِجِنَايَةٍ فَأَخَذَ دِيَتَهُ، ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ لِأَنَّ الْعَمَى الْمُحَقَّقُ لَا يَزُولُ اهـ.
وَلَكِنْ لَك أَنْ تَحْمِلَ مَا فِي الْجِنَايَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُهُ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا تَحَقَّقَ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت مَرَّ اعْتَمَدَ هَذَا الْفَرْقَ وَصُوَرُ تَحَقُّقِ الزَّوَالِ بِمَا إذَا أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ كَالسَّيِّدِ عِيسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَالْمُرْسَلِينَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ. اهـ. سم. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْمَعْصُومِ مَا لَوْ دَلَّتْ الْقَرَائِنُ الْقَطْعِيَّةُ عَلَى عَدَمِ زَوَالِهِ. اهـ. عش. وَقَوْلُهُ: تَحَقُّقُ الْيَأْسِ أُخِذَ مِنْ الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْيَأْسُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخِلْقِيِّ وَالْحَادِثِ اهـ.
زي قَالَ عش عَلَى مَرَّ. وَلَوْ أَبْصَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا كَانَ بِعَيْنِهِ غِشَاوَةٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَعْمَى لَمْ يَجُزْ لِفَسَادِ النِّيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، حَيْثُ أَجْزَأَ إذَا بَرِئَ أَنَّ الْمَرَضَ لَيْسَ فِيهِ صُورَةٌ ظَاهِرَةٌ تُنَافِي الْإِجْزَاءَ فَضَعُفَ تَأْثِيرُهُ فِي النِّيَّةِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَعْمَى. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ زَوَالُ الْجُنُونِ وَالزَّمَانَةِ فَلَا يَكْفِي عَنْ الْكَفَّارَةِ أَخْذًا مِنْ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْعَمَى الْمُحَقَّقُ أَيِسَ مَعَهُ مِنْ عَوْدِ الْبَصَرِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَالزَّمَانَةِ الْمُحَقَّقَيْنِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ بَلْ عُهِدَ وَشُوهِدَ وُقُوعُهُ كَثِيرًا اهـ.
قَوْلُهُ: (كَمَالُ الرِّقِّ) : الْمُرَادُ بِكَمَالِ الرِّقِّ، أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ الْعِتْقَ بِجِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْكَفَّارَةِ، كَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْقَرَابَةِ فَلَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ كَمَالُ الرِّقِّ: أَيْ الرِّقُّ الْكَامِلُ فَخَرَجَ مَنْ سَيَذْكُرُهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِأَنَّ رِقَّهُ كَالنَّاقِصِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إعْتَاقِهِ إذْ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُجْزِئُ شِرَاءُ قَرِيبٍ إلَخْ) : فِي تَفْرِيعِهِ عَلَى اشْتِرَاطِ كَمَالِ الرِّقِّ، نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْقَرِيبَ كَامِلُ الرِّقِّ. اهـ. شَيْخُنَا. وَأَجَابَ مد بِقَوْلِهِ: كَمَالُ الرِّقِّ أَيْ الرِّقُّ الْكَامِلُ فَخَرَجَ مِنْ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ كَأَنَّ رِقَّهُ نَاقِصٌ اهـ. فَيَكُونُ الْمُرَادُ كَمَالُ الرِّقِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَفِّرِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَا عِتْقُ أُمِّ وَلَدٍ) : وَلَا الْمُشْتَرَاةِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَلَا يُجْزِئُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَلَا الْمُسْتَأْجَرُ لِعَجْزِهِمَا، عَنْ الْكَسْب لِنَفْسِهِمَا وَلِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَنَافِعِهِمَا وَبِهَذَا فَارَقَ الْمَرِيضَ الَّذِي يُرْجَى بُرْؤُهُ وَالصَّغِيرَ، نَعَمْ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُدَّةِ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْإِجَارَةِ إلَّا مَا لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَبَحَثَ بَعْضُهُمْ الْإِجْزَاءَ حِينَئِذٍ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (صَحِيحَةٍ) : أَيْ بِخِلَافِ الْفَاسِدَةِ سم وَعِبَارَةُ قل وَلَا صَحِيحِ كِتَابَةٍ أَيْ لَمْ يَسْبِقْهَا تَعْلِيقُ عِتْقٍ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ كَفَّارَتِي، ثُمَّ كَاتَبَهُ فَإِذَا دَخَلَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ سَيِّدِهِ عَتَقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَمُعَلَّقٌ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ) : أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي عِتْقِ الْكَفَّارَةِ، التَّنْجِيزُ. اهـ. زي.
وَيُجْزِئُ مَغْصُوبٌ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ تَخْلِيصِهِ، وَحَامِلٌ وَيَتْبَعُهَا وَلَدُهَا وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (عَنْ شَوْبِ الْعِوَضِ) : الْأَوْلَى حَذْفُ شَوْبٍ لِعَدَمِ ظُهُورِ مَعْنًى لَهُ وَالْمَعْنَى يَسْتَقِيمُ بِدُونِهِ. قَوْلُهُ: (مِنْ الرَّقِيقِ) كَانَ الظَّاهِرُ مِنْهُ قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ) بِمَعْنَى مِنْ مَعْطُوفٌ عَلَى مِنْ الرَّقِيقِ أَيْ بِأَخْذِهِ مِنْ الرَّقِيقِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مُتَعَلِّقٍ بِقَوْلِهِ عِوَضٍ: أَيْ بِعِوَضٍ كَائِنٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مِنْ أَجْنَبِيٍّ قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِ ذَلِكَ الْإِعْتَاقُ عَنْ كَفَّارَتِهِ) : أَيْ وَيُعْتَقُ بِالْعِوَضِ.
فَرْعٌ: لَوْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَنْ كَفَّارَتِي وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا عَتَقَ وَلَزِمَ الطَّالِبُ الْقِيمَةَ وَعَتَقَ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ: عَنْ كَفَّارَتِي عَتَقَ وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةٌ اهـ. وَلَوْ قَالَ: أَطْعِمْ عَنْ كَفَّارَتِي سِتِّينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مَدٌّ مِنْ جِنْسِ كَذَا صَحَّ، وَكَذَا

الصفحة 20