كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

وَسُكْنَى وَأَثَاثًا وَإِخْدَامًا لَا بُدَّ مِنْهُ لَزِمَ الْعِتْقُ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَسَكَتُوا عَنْ تَقْدِيرِ مُدَّةِ النَّفَقَةِ وَبَقِيَّةِ الْمُؤَنِ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ ذَلِكَ بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ وَأَنْ يُقَدَّرَ بِسَنَةٍ، وَصَوَّبَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْهُمَا الثَّانِي. وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهِمَا مَعَ أَنَّ مَنْقُولَ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَفِّرِ بَيْعُ ضَيْعَتِهِ وَهِيَ بِفَتْحِ الضَّادِ الْعَقَارُ وَلَا بَيْعُ رَأْسِ مَالِ تِجَارَتِهِ، بِحَيْثُ لَا يَفْضُلُ دَخْلُهُمَا مِنْ غَلَّةِ الضَّيْعَةِ، وَرِبْحُ مَالِ التِّجَارَةِ عَنْ كِفَايَتِهِ لِمُمَوَّنِهِ لِتَحْصِيلِ رَقِيقٍ يُعْتِقُهُ وَلَا بَيْعُ مَسْكَنٍ وَرَقِيقٍ نَفِيسَيْنِ أَلِفَهُمَا لِعُسْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكُسْوَةُ إنْ نَوَى عِنْدَ الْإِخْرَاجِ الْكَفَّارَةَ فِيهِمَا، فَلَهُ بَدَلُ مَا أَخْرَجَهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (فَاضِلًا) أَيْ الرَّقِيقُ أَوْ ثَمَنُهُ وَمِثْلُهُ الْإِطْعَامُ وَالْكُسْوَةُ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الثَّلَاثَةُ فَاضِلَةً عَنْ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ.
قَوْلُهُ: (عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ) أَيْ وَعَنْ كُتُبِ فَقِيهٍ وَخَيْلِ جُنْدِيٍّ وَآلَةِ مُحْتَرِفٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفَلَسِ، وَالْمُرَادُ كِفَايَةُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ إنْ لَمْ يَبْلُغْهُ، فَإِنْ بَلَغَهُ فَالْمُعْتَبَرُ كِفَايَةُ سَنَةٍ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ مَنْ قَالَ كِفَايَةُ الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ كِفَايَةُ سَنَةٍ وَكَذَا كُلُّ كَفَّارَةٍ، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ بِالْمُرَتَّبَةِ لِكَوْنِهَا مَحَلَّ الْكَلَامِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَأَثَاثًا) هُوَ مَتَاعُ الْبَيْتِ الْوَاحِدَةُ أَثَاثَةٌ وَقِيلَ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ اهـ. مِصْبَاحٌ. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ الْعِتْقُ) هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عُلِمَ وَلَعَلَّهُ سَرَى لَهُ مِنْ عِبَارَةِ غَيْرِهِ هَكَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَهُ: لَزِمَهُ الْعِتْقُ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ: كُلُّ وَالْجُمْلَةُ مِنْ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَضَابِطُ فَانْدَفَعَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ وَالِاعْتِرَاضُ أَقْوَى.
قَوْلُهُ: (بِالْعُمُرِ الْغَالِبِ) : أَيْ بِبَقِيَّتِهِ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ لَا يَزِيدُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ وَلَكِنَّهُ يَكْتَسِبُ مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي مَنْ عَلَيْهِ كِفَايَتُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ وَالتَّعْوِيلُ عَلَى الْكَسْبِ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَ الْعُمُرَ الْغَالِبَ قُدِّرَتْ كِفَايَتُهُ سَنَةً سَنَةً كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا حف. قَوْلُهُ: (وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ) : أَيْ التَّصْوِيبِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا نَقْلَ فِيهَا مَعَ أَنَّ مَنْقُولَ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلُ وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بِالثَّانِي عَلَى قِيَاسِ مَا صَنَعَ فِي الزَّكَاةِ، أَمَّا مَنْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ كَمَنْ مَلَكَ رَقِيقًا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهِ لِمَرَضٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ ضَخَامَةٍ مَانِعَةٍ مِنْ خِدْمَةِ نَفْسِهِ أَوْ مَنْصِبٍ يَأْبَى أَنْ يَخْدُمَ نَفْسَهُ فَهُوَ فِي حَقِّهِ كَالْمَعْدُومِ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ مَنْقُولُ الْجُمْهُورِ، لَا مَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ جَارِيًا عَلَى رَأْيِهِ فِي الزَّكَاةِ أَيْ مِنْ أَنَّ الْفَقِيرَ يُعْطَى فِيهَا كِفَايَةَ سَنَةٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ أَوْ ضَخَامَةٍ اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالضَّخَامَةِ هَلْ هِيَ الْعَظَمَةُ أَوْ كِبَرُ الْجُثَّةِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الثَّانِي وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا أَوَّلًا ثُمَّ اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الْأَوَّلُ وَاعْتَمَدَهُ وَهِيَ التَّفَاخُرُ وَالتَّعَاظُمُ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ مَنْصِبٌ لِأَنَّ تِلْكَ ضَخَامَةٌ خَاصَّةٌ بِالْوِلَايَةِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ سَبَبُهَا وِلَايَةٌ وَلَا مَنْصِبٌ كَمَا أَفَادَهُ خَضِرٌ.
وَقَوْلُهُ: مَانِعَةٌ مِنْ خِدْمَةِ نَفْسِهِ أَيْ بِحَيْثُ تَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، كَعِظَمِ جِسْمِهِ أَوْ لِوُجُودِ رُتْبَةٍ لَهُ، وَعَلَيْهِ يَكُونُ عَطْفُ مَنْصِبٍ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مَنْصِبٌ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدِّينِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ وَيَبْعُدُ فِيمَنْ اعْتَادَ مِمَّنْ ذُكِرَ خِدْمَةُ نَفْسِهِ وَصَارَ ذَلِكَ خُلُقًا لَهُ اعْتِبَارُ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ خَادِمٍ يَخْدُمُهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَفِّرِ بَيْعُ ضَيْعَتِهِ) أَيْ بَلْ يَعْدِلُ إلَى الصَّوْمِ فَإِنْ فَضَلَ دَخْلُهُمَا عَنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ بَيْعُهُمَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (الْعَقَارُ) كَذَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ مَا يَسْتَغِلُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُضَيِّعُ بِتَرْكِهَا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا يَفْضُلُ دَخْلُهُمَا) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَزِيدُ دَخْلُهُمَا عَلَى الْكِفَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُهُمَا جَمِيعَهُمَا لِكِفَايَتِهِ بِغَيْرِهِمَا إنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهُمَا يَكْفِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُمَا وَكَانَ يَزِيدُ دَخْلُهُمَا عَنْ كِفَايَتِهِ قَالَ مَرَّ يَبِيعُ الْفَاضِلَ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يُكَلَّفُ بَيْعَ الْجَمِيعِ، إلَّا إنْ كَانَ الْفَاضِلُ مِنْ ثَمَنِهَا يَكْفِيهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ اهـ.
بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُ مَرَّ يَبِيعُ الْفَاضِلَ أَيْ مَا يُقَابِلُ الْفَاضِلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَهُوَ بَعْضُ الضَّيْعَةِ وَبَعْضُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ قَوْلُهُ: (أَلِفَهُمَا) مَعْنَى أَلِفَهُمَا أَنْ يَكُونَا بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِ مُفَارَقَتُهُمَا مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً، فَلَوْ اتَّسَعَ الْمَسْكَنُ الْمَأْلُوفُ بِحَيْثُ يَكْفِيهِ بَعْضُهُ وَبَاقِيهِ يُحَصِّلُ رَقَبَةً لَزِمَهُ تَحْصِيلُهَا حَلَّ قَالَ مَرَّ فِي شَرْحِهِ

الصفحة 21