كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

تَقْتَضِي اللَّفْظَ لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالتَّمْلِيكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ بَعِيدٌ. أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظٌ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَدَفْعِ الزَّكَاةِ وَلَا يَكْفِي تَمْلِيكُهُ كَافِرًا وَلَا هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلِبِيًّا وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَزَوْجَتِهِ وَقَرِيبِهِ، وَلَا إلَى مَكْفِيٍّ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ وَلَا إلَى عَبْدٍ وَلَوْ مُكَاتَبًا لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَاعْتُبِرَ فِيهَا صِفَاتُ الزَّكَاةِ

وَيَصْرِفُ لِلسِّتِّينَ الْمَذْكُورِينَ سِتِّينَ مُدًّا. (كُلُّ مِسْكِينٍ مُدٌّ) كَأَنْ يَضَعَهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَيُمَلِّكَهَا لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ يُطْلِقَ فَإِذَا قَبِلُوا ذَلِكَ أَجْزَأَ عَلَى الصَّحِيحِ. فَلَوْ فَاوَتَ بَيْنَهُمْ بِتَمْلِيكٍ: وَاحِدٍ مُدَّيْنِ، وَآخَرَ مُدًّا أَوْ نِصْفَ مُدٍّ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَوْ قَالَ: خُذُوهُ وَنَوَى بِالسَّوِيَّةِ أَجْزَأَ فَإِنْ تَفَاوَتُوا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا مُدٌّ وَاحِدٌ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ مَعَهُ مَنْ أَخَذَ مُدًّا آخَرَ. وَهَكَذَا وَجِنْسُ الْأَمْدَادِ مِنْ جِنْسِ الْحَبِّ الَّذِي يَكُونُ فِطْرَةً فَيُخْرِجُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِوَاحِدٍ فِي سِتِّينَ يَوْمًا. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظٌ) مُعْتَمَدٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَكْفِي تَمْلِيكُهُ) أَيْ تَمْلِيكُ الْمُظَاهِرِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا إلَى مَكْفِيٍّ) عَطْفٌ عَلَى التَّوَهُّمِ كَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَلَا يَكْفِي دَفْعُهُ إلَى كَافِرٍ قَوْلُهُ: (صِفَاتُ الزَّكَاةِ) أَيْ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ وَلَا يَكْفِي صَرْفُهَا لِمَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهِمَا.

قَوْلُهُ: (وَيَصْرِفُ لِلسِّتِّينَ الْمَذْكُورِينَ سِتِّينَ مُدًّا) فَلَوْ دَفَعَ سِتِّينَ مُدًّا إلَى ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا أَجْزَأَهُ إطْعَامُ ثَلَاثِينَ إنْ لَمْ يَنْقُصْ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ مُدٍّ وَلَزِمَهُ صَرْفُ ثَلَاثِينَ مُدًّا إلَى ثَلَاثِينَ غَيْرِهِمْ، وَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْبَاقِي مِنْهُمْ إنْ أَعْلَمَهُمْ بِكَوْنِهَا كَفَّارَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ تَفَاوَتُوا فِي الْأَمْدَادِ السِّتِّينَ أَيْ فَلَا يَكْفِي نَعَمْ لَوْ أَخَذُوا الْجُمْلَةَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ ثُمَّ اقْتَسَمُوا لَمْ يَضُرَّ التَّفَاوُتُ فِي الْمَأْخُوذِ بَعْدَ الِاقْتِسَامِ فِي الْأَجْزَاءِ لِمِلْكِهِمْ قَبْلَهُ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَدْفُوعُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ سم.
قَوْلُهُ: (كُلُّ مِسْكِينٍ) أَيْ نَصِيبُ كُلِّ مِسْكِينٍ إلَخْ وَفِي نُسْخَةٍ مُدًّا بِالنَّصِّ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ أَيْ يُعْطِي مُدًّا وَقَرَّرَ شَيْخُنَا حف أَنَّ قَوْلَهُ كُلَّ مِسْكِينٍ إمَّا بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ سِتِّينَ أَوْ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ، أَوْ بَدَلٌ مِنْ سِتِّينَ عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ مَرْفُوعٌ نَائِبُ فَاعِلٍ لِمَحْذُوفٍ أَيْ يُطْعَمُ دَلَّ عَلَيْهِ إطْعَامٌ الْمُتَقَدِّمُ وَمُدًّا عَلَى الثَّلَاثَةِ مَنْصُوبٌ مَفْعُولٌ ثَانٍ وَفِي نُسْخَةٍ بِرَفْعِ مُدٍّ فَيَكُونُ كُلُّ مِسْكِينٍ مَرْفُوعًا أَيْ كُلُّ مِسْكِينٍ لَهُ مُدٌّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يُطْلِقَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالسَّوِيَّةِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى حَدِّ وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ تَنْصِبْهُ إنْ ثَابِتًا أَوْ مُنْحَذِفْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَطْفُ بِأَوْ أَوْ بِالْوَاوِ أَوْ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَبِلُوا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْقَبُولِ عَدَمُ الرَّدِّ، وَلَوْ تَفَاوَتُوا بَعْدَ الْقَبُولِ لِوُجُودِ التَّسَاوِي حَالَ الْمِلْكِ إذْ بِالْقَبُولِ حَصَلَ الْمِلْكُ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي، فِيمَا إذَا قَالَ: خُذُوهُ وَنَوَى الْكَفَّارَةَ فَأَخَذُوا مُتَفَاوِتِينَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ لِعَدَمِ التَّسَاوِي حَالَ التَّمْلِيكِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ قَبُولٌ حَالَ التَّسَاوِي وَلَا الْأَخْذِ الْقَائِمِ مَقَامَ التَّسَاوِي بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَإِنَّ فِيهَا الْقَبُولُ الْمُحَصِّلُ لِلْمِلْكِ حَالَ التَّسَاوِي كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) يَرْجِعُ لِصُورَتَيْ الْوَضْعِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَإِنَّمَا آثَرَ التَّمْثِيلَ الْمَذْكُورَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ فَذَكَرَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ وَتَرَكَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ. وَهُوَ تَمْلِيكُ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا عَلَى انْفِرَادِهِ. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْعُهْدَةِ بِهَذَا الْفِعْلِ. فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا كَمَّلَ الْمُدَّ لِمَنْ أَخَذَ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِي. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ خُذُوهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ هُنَا نَاوٍ التَّسْوِيَةَ وَهُنَاكَ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَأَيْضًا هُنَا لَمْ يُوجَدْ قَبُولٌ وَإِنَّمَا وُجِدَ فِعْلٌ قَائِمٌ مَقَامَ الْقَبُولِ، بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ يُوجَدُ فِيهَا قَبُولٌ بِالْفِعْلِ لَفْظًا وَعِبَارَةُ مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَنَوَى الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْزِيهِ إنْ أَخَذُوا بِالسَّوِيَّةِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِ مَنْ أَخَذَ مُدًّا لَا دُونَهُ اهـ. وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَأَوْلَى مِنْهَا.
قَوْلُهُ: (وَنَوَى) أَيْ الْكَفَّارَةَ قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَفَاوَتُوا) أَيْ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالسَّوِيَّةِ لَمْ يُجْزِهِ لِلتَّفَاوُتِ قَبْلَ الْمِلْكِ، إذْ الْمِلْكُ هُنَا بِالْأَخْذِ الْقَائِمِ مَقَامَ الْقَبُولِ. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِهِ إلَّا مَدٌّ وَاحِدٌ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالْأَسْوَأِ وَلِلِاحْتِيَاطِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَخَذَ دُونَ مُدٍّ إلَّا وَاحِدًا فَإِنَّهُ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِتَمَامِهِ. فَكُلُّ مَنْ أَخَذَ دُونَ مُدٍّ لَمْ يُجْزِ مَا أَخَذَهُ إلَّا إنْ تَمَّمَ، وَمَنْ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِتَمَامِهِ لَمْ يُجْزِ مِمَّا أَخَذَهُ إلَّا مَدٌّ وَاحِدٌ وَيَسْتَرِدُّ مِنْهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ) كَأَنْ عَلِمَ أَنَّ هُنَاكَ آخَرَ أَخَذَ مُدًّا كَامِلًا قَوْلُهُ: (مَعَهُ) أَيْ مَعَ هَذَا الْمُدِّ أَوْ مَعَ التَّفَاوُتِ، أَيْ فَيُجْزِئُ الْمُكَفِّرَ جَمِيعُ الْأَمْدَادِ الَّتِي عَلِمَ أَنَّهَا كَامِلَةٌ وَاحِدًا وَاحِدًا مَعَ كُلِّ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَا

الصفحة 25