كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

الْمُكَفِّرِ فَلَا يُجْزِئُ نَحْوُ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقُ وَالْخُبْزُ وَاللَّبَنُ. وَيُجْزِئُ الْأَقِطُ كَمَا يُجْزِئُ فِي الْفِطْرَةِ

(وَلَا يَحِلُّ) لِلْمُظَاهِرِ ظِهَارًا مُطْلَقًا (وَطْؤُهَا) أَيْ زَوْجَتِهِ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا (حَتَّى يُكَفِّرَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْعِتْقِ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] وَيُقَدَّرُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فِي الْإِطْعَامِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِاتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ وَخَرَجَ بِالْوَطْءِ غَيْرُهُ كَاللَّمْسِ وَنَحْوِهِ، كَالْقُبْلَةِ بِشَهْوَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي غَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ أَمَّا مَا بَيْنَهُمَا فَيَحْرُمُ كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

وَيَصِحُّ الظِّهَارُ الْمُؤَقَّتُ كَمَا مَرَّ وَيَقَعُ مُؤَقَّتًا وَعَلَيْهِ إنَّمَا يَحْصُلُ الْعَوْدُ فِيهِ بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ لِأَنَّ الْحِلَّ مُنْتَظِرٌ بَعْدَ الْمُدَّةِ، فَالْإِمْسَاكُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِانْتِظَارِ الْحِلِّ وَالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَكَالتَّكْفِيرِ مُضِيُّ الْوَقْتِ لِانْتِهَائِهِ بِهَا.

تَتِمَّةٌ: إذَا عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ بَقِيَتْ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا يَطَأُ الْمُظَاهِرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتُحْسَبُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ الْحَالُ فِي أَخْذِهِمْ الْأَمْدَادَ مَعَ التَّفَاوُتِ أَيْ عَدِمَ الْعِلْمَ فِي أَخْذِهَا بِالسَّوِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ إلَّا مُدٌّ وَاحِدٌ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِمُدٍّ آخَرَ كَامِلًا مَعَ وَاحِدٍ آخَرَ فَيُحْسَبُ هَذَا الثَّانِي أَيْضًا فَإِذَا ظَهَرَ ثَالِثٌ مَعَ آخَرَ حُسِبَ وَهَكَذَا هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فَتَأَمَّلْهُ حف.
قَوْلُهُ: (وَالْخُبْزُ) وَاخْتَارَ الرُّويَانِيُّ جَوَازَهُ فَيُعْطَى كُلُّ أَحَدٍ رِطْلَيْنِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالصَّيْرَفِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَا بَأْسَ بِقَلِيلِ أُدْمٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَاللَّبَنُ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ إجْزَاؤُهُ كَمَا فِي الْفِطْرَةِ قل. وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (ظِهَارًا مُطْلَقًا) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِ الْمَتْنِ حَتَّى يُكَفِّرَ لِأَنَّ الظِّهَارَ الْمُؤَقَّتَ يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ فِيهِ إمَّا بَعْدَ التَّكْفِيرِ أَوْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَلَوْ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَتَبْقَى الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ حَتَّى انْقَضَتْ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَنْهَجِ وَبِهِ صَرَّحَ حَلَّ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يُكَفِّرَ) أَيْ إنْ لَمْ يَخَفْ الزِّنَا وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَحَرُمَ قَبْلَ تَكْفِيرٍ أَوْ مُضِيِّ مُدَّةِ ظِهَارٍ مُؤَقَّتٍ تَمَتُّعٌ حَرُمَ بِحَيْضٍ فَيَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ اهـ. وَانْظُرْ لَوْ اضْطَرَّ إلَى الْوَطْءِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَقَدْ يُتَّجَهُ الْجَوَازُ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الزِّنَا وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ حَرُمَ بِحَيْضٍ لِأَنَّ الْوَطْءَ مَعَ الْعَجْزِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَقَدْ يُتَّجَهُ الْجَوَازُ حَيْثُ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الزِّنَا وَقَدْ يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: حَرُمَ بِحَيْضٍ لِأَنَّ الْوَطْءَ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ تَعَيَّنَ لِدَفْعِ الزِّنَا لَا يَحْرُمُ فِي الْحَيْضِ، كَمَا قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ قَالَ: عش عَلَى مَرَّ. لَكِنْ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا يُدْفَعُ بِهِ خَوْفَ الْعَنَتِ.
قَوْلُهُ: (حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ) مَعْنَى حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ الْحُكْمُ، بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمُطْلَقِ ذَلِكَ الْمُقَيَّدُ. اهـ. شَنَوَانِيٌّ. قَوْلُهُ: (فَيَحْرُمُ) أَيْ سَوَاءٌ بِشَهْوَةٍ أَوْ لَا

قَوْلُهُ: (وَيَقَعُ مُؤَقَّتًا) هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذِّكْرِ هُنَا، وَمَا قَبْلَهُ ذُكِرَ تَوْطِئَةً لَهُ فَلَا تَكْرَارَ وَقِيلَ يَقَعُ الْمُؤَقَّتُ مُؤَبَّدًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (إنَّمَا يَحْصُلُ الْعَوْدُ إلَخْ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ النَّزْعُ حَالًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يُكَفِّرَ أَوْ تَفْرُغَ الْمُدَّةُ قل.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحِلَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا يَحْصُلُ بِالْإِمْسَاكِ عَوْدٌ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (فَالْإِمْسَاكُ) أَيْ إمْسَاكُ الزَّوْجَةِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَيْ عَدَمُ طَلَاقِهَا عَقِبَ الظِّهَارِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِانْتِظَارِ الْحِلِّ أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَيَحِلُّ الظِّهَارُ وَلَا كَفَّارَةَ وَقَوْلُهُ: أَيْ الْوَطْءُ فِي الْمُدَّةِ أَيْ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، أَيْ فَيَحِلُّ الظِّهَارُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ الْوَطْءِ فِيهَا لَكِنْ إنْ وَطِئَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: (يُحْتَمَلُ إلَى قَوْلِهِ وَالْأَصْلُ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَوْ أَمْسَكَهَا لِلْوَطْءِ خَاصَّةً يَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَطَأْ بِالْفِعْلِ وَلِذَا وُجِدَ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ الضَّرْبُ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْحَلَّ إلَى قَوْلِهِ تَتِمَّةٌ أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (لِانْتِهَائِهِ) أَيْ الظِّهَارِ وَقَوْلُهُ بِهَا أَيْ بِالْوَقْتِ وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ لِتَأْوِيلِهِ بِالْمُدَّةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِهِ أَيْ الْوَقْتِ الْمُؤَقَّتِ بِهِ

قَوْلُهُ: (إذَا عَجَزَ مَنْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ) وَيَحْصُلُ الْعَجْزُ عَنْ الْإِطْعَامِ بِعَدَمِ مَا يَفْضُلُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمُرِ الْغَالِبِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْإِعْتَاقِ زِيَادِيٌّ.
قَوْلُهُ: (بَقِيَتْ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ لِأَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ الْمَالِيَّةَ، إذَا عَجَزَ عَنْهَا وَقْتَ وُجُوبِهَا، فَإِنْ كَانَتْ لَا بِسَبَبٍ

الصفحة 26