كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

وَفِي كَنِيسَةٍ وَهِيَ مَعْبَدُ الْيَهُودِ، وَفِي بَيْتِ نَارِ مَجُوسِيٍّ لَا بَيْتِ أَصْنَامٍ وَثَنِيٍّ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ التَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ فِي الْمُسْلِمِ فَيَكُونُ بَعْدَ صَلَاةِ عَصْرِ كُلِّ يَوْمٍ إنْ كَانَ طَلَبُهُ حَثِيثًا لِأَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ، أَغْلَظُ عُقُوبَةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» . وَعَدَّ مِنْهُمْ رَجُلًا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبٌ حَثِيثٌ فَبَعْدَ صَلَاةِ عَصْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِيهِ. كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهَا مِنْ مَجْلِسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى أَنْ تَنْقَضِيَ الصَّلَاةُ. وَأَمَّا التَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ فِي الْكَافِرِ فَيُعْتَبَرُ بِأَشْرَفِ الْأَوْقَاتِ عِنْدَهُمْ، كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَالْمُسْلِمِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَاكِنِهِمْ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ لِأَنَّهُ لِحَاجَةٍ، وَغَيْرُ الْحَاكِمِ مِثْلُهُ لَكِنْ بِإِذْنِ بَالِغٍ عَاقِلٍ مِنْهُمْ، وَمَحَلُّهُ إنْ خَلَتْ عَنْ صُوَرٍ وَإِلَّا فَحَرَامٌ مُطْلَقًا وَدُخُولُهُمْ مَسَاجِدُنَا كَعَكْسِهِ وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ جَوَازُ تَلَاعُنِ الْكُفَّارِ فِي مَسَاجِدِنَا، غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قل وَقَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ إلَخْ عِبَارَةُ سم وَيَجُوزُ تَلَاعُنُ الذِّمِّيِّينَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَوْ مَعَ حَدَثٍ أَكْبَرَ وَحَيْضٍ لَا يُلَوِّثُ الْمَسْجِدَ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: بِرِضَاهُمَا فَإِنْ رَضِيَتْ دُونَهُ فَلَهَا ذَلِكَ أَوْ هُوَ دُونَهَا لَمْ يَكْفِ اهـ. وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً لَاعَنَ فِي الْجَامِعِ وَلَاعَنَتْ فِيمَا تُعَظِّمُهُ مِنْ بِيعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.
فَإِنْ رَضِيَ بِلِعَانِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ طَلَبَتْهُ، جَازَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَطْلُبْهُ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي اللِّعَانِ لَهَا أَوْ لَمْ يَرْضَ هُوَ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا حَقُّهُ لَكِنْ لَوْ امْتَنَعَتْ مَعَ رِضَاهُ فَهَلْ تُخَيَّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا حَقُّهُ، قَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَيَقْتَضِي عَكْسَ مَا ذَكَرَهُ إذْ لَا تَغْلِيظَ فِي الْجَامِعِ فِي اعْتِقَادِهَا فَفِي رِضَاهَا دُونَهُ تَفْوِيتُ حَقِّهِ مِنْ التَّغْلِيظِ بِخِلَافِ رِضَاهُ دُونَهَا، لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَتَضَمَّنَ إسْقَاطَ حَقِّهِ، وَهُوَ جَائِزٌ لَهُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ يَتَضَمَّنُ أَيْضًا حَمْلَهَا عَلَى مَا تَعْتَقِدُهُ مِنْ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ لِوُجُودِ نَظِيرِ ذَلِكَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ فِي الْعَكْسِ أَعْنِي رِضَاهَا دُونَهُ مَعَ زِيَادَتِهِ بِتَفْوِيتِ حَقِّهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (فِي بِيعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ بِاللِّعَانِ فِي بِيعَةٍ وَقَدْ انْعَكَسَ الْعُرْفُ الْآنَ بِعَكْسِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ قل.
قَوْلُهُ: (وَفِي بَيْتِ نَارِ مَجُوسِيٍّ) وَرَوْعِي اعْتِقَادُهُ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةَ كِتَابٍ بِخِلَافِ الْوَثَنِيِّ. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (بِالزَّمَانِ) عِبَارَةُ عش وَلَوْ فِي حَقِّ الْكَافِرِ كَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ الْمَاوَرْدِيُّ فَاعْتُبِرَ الْوَقْتُ الَّذِي يُعَظِّمُونَهُ اهـ. سم بِحُرُوفِهِ قَوْلُهُ: (كُلَّ يَوْمٍ) الْمُرَادُ أَيُّ يَوْمٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ فَالْكُلِّيَّةُ غَيْرُ مُرَادَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الطَّلَبُ حَثِيثًا فَفِي عَصْرِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ طَلَبَهُ) أَيْ اللِّعَانَ.
قَوْلُهُ: (وَعَدَّ مِنْهُمْ رَجُلًا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ إلَخْ) عَلَى زَائِدَةٌ «وَالثَّانِي رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ، وَالثَّالِثُ رَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ فَيَقُولُ اللَّهُ الْيَوْمَ أَمْنَعُك فَضْلِي، كَمَا مَنَعْت فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاك» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِيهِ) أَيْ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَعِبَارَةُ مَرَّ لِأَنَّ يَوْمَهَا أَشْرَفُ الْأُسْبُوعِ وَسَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِيهَا بَعْدَ عَصْرِهَا كَمَا فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ. وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ أَنَّهَا فِيمَا بَيْنَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ وَفَرَاغِ الصَّلَاةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ، وَمُقَابِلُهُ أَحَدٌ وَأَرْبَعُونَ قَوْلًا وَالرَّاجِحُ مِنْهَا أَنَّهَا فِيمَا بَيْنَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ، قل. وَقَوْلُهُ: فِيمَا بَيْنَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ. لَا الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ بِعَصْرِ الْجُمُعَةِ الْأَوْقَاتَ الشَّرِيفَةَ، كَشَهْرَيْ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَيَوْمَيْ الْعِيدِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ اهـ.
قَوْلُهُ: (مِنْ مَجْلِسِ الْإِمَامِ) أَيْ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) فِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّغْلِيظِ بِالزَّمَانِ اهـ وَفِي الْوَسِيطِ وَإِطْلَاقُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. التَّغْلِيظَ بِالزَّمَانِ وَكَوْنَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّا نُغَلِّظُ عَلَى الْكُفَّارِ بِالزَّمَانِ عِنْدَنَا لَا عِنْدَهُمْ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ الْيَمِينَ تُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ فِي وَقْتِ أَشْرَفِ صَلَوَاتِهِمْ عِنْدَهُمْ. وَأَمَّا الْمَجُوسُ فَلَيْسَ لَهُمْ صَلَاةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَإِنَّمَا لَهُمْ زَمْزَمَةٌ يَرَوْنَهَا قُرْبَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُؤَقَّتَةً عِنْدَهُمْ حَلَفُوا فِي أَعْظَمِ أَوْقَاتِهَا عِنْدَهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُؤَقَّتَةً سَقَطَ تَغْلِيظُ أَيْمَانِهِمْ بِالزَّمَانِ إلَّا أَنَّهُمْ يَرَوْنَ النَّهَارَ أَشْرَفَ مِنْ اللَّيْلِ وَيَحْلِفُونَ نَهَارًا

الصفحة 34