كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ، أَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَمْسُوحًا لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ فِي انْتِفَائِهِ إلَى لِعَانِهِ وَالنَّفْيُ فَوْرِيٌّ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ بِالْإِمْسَاكِ إلَّا لِعُذْرٍ كَأَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلًا فَأَخَّرَ حَتَّى يُصْبِحَ، أَوْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ إعْلَامُ الْقَاضِي بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَجِدْهُ فَأَخَّرَ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ إنْ تَعَسَّرَ عَلَيْهِ فِيهِ إشْهَادٌ بِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى النَّفْيِ وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ. كَمَا لَوْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ فَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَلَهُ نَفْيُ حَمْلٍ وَانْتِظَارُ وَضْعِهِ لِيَتَحَقَّقَ كَوْنَهُ وَلَدًا، فَلَوْ قَالَ: عَلِمْته وَلَدًا وَأَخَّرْت رَجَاءَ وَضْعِهِ مَيِّتًا فَأُكْفَى اللِّعَانَ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ النَّفْيِ لِتَفْرِيطِهِ فَإِنْ أَخَّرَ وَقَالَ: جَهِلْت الْوَضْعَ وَأَمْكَنَ جَهْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِ تَوْأَمَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ. بِأَنْ وُلِدَا مَعًا أَوْ تَخَلَّلَ بَيْنَ وَضْعَيْهِمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِأَنْ يَجْمَعَ فِي الرَّحِمِ وَلَدًا مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَوَلَدًا مِنْ مَاءٍ آخَرَ لِأَنَّ الرَّحِمَ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى الْمَنِيِّ اسْتَدَّ فَمُهُ فَلَا يَتَأَتَّى قَبُولُ مَنِيٍّ آخَرَ وَلَوْ هُنِّئَ بِوَلَدٍ كَأَنْ قِيلَ لَهُ: مُتِّعْت بِوَلَدِك، فَأَجَابَ: بِمَا يَتَضَمَّنُ إقْرَارًا كَآمِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَوْنِهِ مِنْهُ عَقْلًا قَوْلُهُ: (وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ وَلِيًّا يُقْطَعُ بِإِمْكَانِ وُصُولِهِ إلَيْهَا، لِأَنَّا لَا نُعَوِّلُ عَلَى الْأُمُورِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ. نَعَمْ إنْ وَصَلَ إلَيْهَا وَدَخَلَ بِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ بَاطِنًا النَّفْيُ اهـ ع ش. قَوْلُهُ: (أَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا) أَيْ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ عَادَةً بِأَنْ كَانَ عُمُرُهُ دُونَ تِسْعِ سِنِينَ وَفِيهِ إنَّ الصَّغِيرَ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ، وَالْمُلَاعِنُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ زَوْجًا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَنْهَجِ فَكَانَ الصَّوَابُ حَذْفُهُ.
وَقَالَ شَيْخُنَا: أَيْ ثُمَّ بَلَغَ لِيَصِحَّ لِعَانُهُ. قَوْلُهُ: (لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ) أَيْ شَرْعًا مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ عَقْلًا قَوْلُهُ: (وَالنَّفْيُ فَوْرِيٌّ) أَيْ الْحُضُورُ عِنْدَ الْقَاضِي بِطَلَبِ النَّفْيِ بِأَنْ يَقُولَ هَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ مِنِّي كَمَا فِي الْحَلَبِيِّ وَعِبَارَةُ مَرَّ. وَالنَّفْيُ فَوْرِيٌّ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَأَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ، فَيَأْتِي الْحَاكِمَ وَيُعْلِمُهُ بِانْتِفَائِهِ عَنْهُ اهـ. فَالْمُرَادُ بِالنَّفْيِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ الْفَوْرُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ وَإِعْلَامُهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ النَّفْيَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللِّعَانِ رَشِيدِيٌّ عَلَى مَرَّ وَعِبَارَةُ مَرَّ. وَخَرَجَ بِالنَّفْيِ اللِّعَانُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ فَوْرٌ.
قَوْلُهُ: (إلَّا لِعُذْرٍ) . عِبَارَةُ شَرْحِ مَرَّ وَيُعْذَرُ لِعُذْرٍ مِمَّا مَرَّ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ نَعَمْ يَلْزَمُهُ إرْسَالُ مَنْ يُعْلِمُ الْحَاكِمَ فَإِنْ عَجَزَ فَالْإِشْهَادُ، وَإِلَّا بَطَلَ حَقُّهُ كَغَائِبٍ أَخَّرَ السَّيْرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ تَأَخَّرَ لِعُذْرٍ وَلَمْ يُشْهِدْ وَالتَّعْبِيرُ بِأَعْذَارِ الْجُمُعَةِ هُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.
وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِهِمْ لِمَا هُنَا بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالشُّفْعَةِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَعْذَارُهُمَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ كَانَتْ أَضْيَقَ، لَكِنَّا وَجَدْنَا مِنْ أَعْذَارِهِمَا إرَادَةَ دُخُولِ الْحَمَّامِ وَلَوْ لِلتَّنْظِيفِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ. وَالْأَوْجَهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ عُذْرًا لِلْجُمُعَةِ وَمِنْ أَعْذَارِهِمَا أَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ وَيَبْعُدُ كَوْنُهُ عُذْرًا هُنَا وَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ عُذْرًا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا يَأْتِي، لِأَنَّ الْوَجْهَ اعْتِبَارُ الْأَضْيَقِ مِنْ تِلْكَ الْأَعْذَارِ اهـ. بِحُرُوفِهِ وَانْتِظَارُ قَاضٍ خَيْرٍ مِنْ الْمُتَوَلِّي بِحَيْثُ لَا يَأْخُذُ مَالًا أَصْلًا أَوْ دُونَ الْأَوَّلِ مُجَرَّدُ تَوَهُّمٍ لَا نَظَرَ إلَيْهِ، أَمَّا لَوْ خَافَ مِنْ إعْلَامِهِ جَوْرًا يَحْمِلُهُ عَلَى أَخْذِ كُلِّ مَا لَهُ أَوْ قَدْرًا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَخْذِ مِثْلِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ عُذْرٌ عش عَلَى مَرَّ.
قَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ التَّأْخِيرُ قَوْلُهُ: (وَلَهُ نَفْيُ حَمْلٍ إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ النَّفْيِ فَوْرِيًّا، وَإِذَا لَاعَنَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ فَبَانَ عَدَمُهُ فَسَدَ لِعَانُهُ وَحُدَّ اهـ. قَوْلُهُ: (فَأُكْفَى اللِّعَانَ) كَفَى يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ يُقَالُ كَفَاهُ مُؤْنَتَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمُخْتَارِ فَنَائِبُ الْفَاعِلِ هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ وَاللِّعَانُ هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي وَالْهَمْزَةُ هَمْزَةُ الْمُتَكَلِّمِ.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) وَلَوْ قَالَ: لَمْ أُصَدِّقْ الْمُخَبِّرَ لَمْ يُقْبَلْ إنْ كَانَ عَدْلًا وَلَوْ فِي الرِّوَايَةِ أَوْ لَمْ أَعْلَمْ جَوَازَ اللِّعَانِ صُدِّقَ إنْ كَانَ عَامِّيًّا وَإِنْ نَشَأَ مُسْلِمًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَجْمَعَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ يَجْتَمِعَ اهـ. مَرْحُومِيٌّ. قَوْلُهُ: (مِنْ مَاءِ آخَرَ) : بِالْإِضَافَةِ وَعَدَمِهَا وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ بِمَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ مَنِيُّ آخَرَ، لَكِنْ كَتَبَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ مَنِيُّ آخَرَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَنِيًّا آخَرَ لِيَشْمَلَ مَنِيَّهُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَدَمُ الْإِضَافَةِ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ هُنِّئَ بِوَلَدٍ إلَخْ) وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا مِنْ وُجُوبِ النَّفْيِ فَوْرًا، وَأُجِيبَ

الصفحة 38