كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

أَوْ نَعَمْ. لَمْ يَنْفِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَابَ بِمَا لَا يَتَضَمَّنُ إقْرَارًا كَقَوْلِهِ " جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا " لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ قَصْدَهُ مُكَافَأَةُ الدُّعَاءِ بِالدُّعَاءِ (وَ) الْخَامِسُ (التَّحْرِيمُ) أَيْ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ (عَلَى الْأَبَدِ) فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا بَعْدَ اللِّعَانِ وَلَا وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَاشْتَرَاهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ: «لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا» أَيْ لَا طَرِيقَ لَك إلَيْهَا. وَلِمَا مَرَّ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» .
تَنْبِيهٌ: بَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ الْأَحْكَامِ أَشْيَاءُ أُخَرُ لَمْ يَذْكُرْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْوَعْدُ بِذِكْرِهَا مِنْهَا سُقُوطُ حَدِّ قَذْفِ الزَّانِي بِهَا عَنْ الزَّوْجِ إنْ سَمَّاهُ فِي لِعَانِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي لِعَانِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِ لَكِنْ لَهُ أَنْ يُعِيدَ اللِّعَانَ وَيَذْكُرَهُ. فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بَيِّنَةَ وَحُدَّ لِقَذْفِهَا بِطَلَبِهَا فَطَالَبَهُ الرَّجُلُ الْمَقْذُوفُ بِهِ بِالْحَدِّ. وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ فَلَهُ اللِّعَانُ وَتَأَبَّدَتْ حُرْمَةُ الزَّوْجَةِ بِاللِّعَانِ لِأَجْلِ الرَّجُلِ فَقَطْ؛ وَلَوْ ابْتَدَأَ الرَّجُلُ فَطَالَبَهُ بِحَدِّ قَذْفِهِ كَانَ لَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حَقَّهُ يَثْبُتُ أَصْلًا لَا تَبَعًا لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا، فَلِلْآخَرِ الْمُطَالَبَةُ بِحَقِّهِ. وَحَيْثُ قُلْنَا: يُلَاعِنُ لِلْمَقْذُوفِ بِهِ لَا يَثْبُتُ بِلِعَانِهِ زِنَا الْمَقْذُوفِ بِهِ وَلَا يُلَاعِنُ الْمَقْذُوفُ بِهِ وَإِنَّمَا فَائِدَتُهُ سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْ الْقَاذِفِ، وَمِنْهَا سُقُوطُ حَصَانَتِهَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ إنْ امْتَنَعَتْ مِنْ اللِّعَانِ، وَمِنْهَا تَشْطِيرُ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمِنْهَا أَنَّ حُكْمَهَا: حُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا فَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ وَيَحِلُّ لِلزَّوْجِ نِكَاحُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَمَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا كَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْبَيْنُونَةِ وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِتَصْوِيرِهَا فِيمَنْ قَالَ: الْقَوْلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي تَوَجُّهِهِ لِلْقَاضِي أَوْ قَالَهُ: فِي حَالَةٍ يُعْذَرُ فِيهَا بِالتَّأْخِيرِ كَلَيْلٍ وَنَحْوِهِ زي.
قَوْلُهُ: (جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا) أَوْ قَالَ: لَهُ سَمِعْت مَا يَسُرُّك، وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ: جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا أَفْضَلُ دُعَاءٍ يَدْعُوهُ الْإِنْسَانُ لِأَخِيهِ، مُقَابَلَةَ مَعْرُوفٍ صَنَعَهُ مَعَهُ فَيُجَازِيهِ بِهِ كَمَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ «مَنْ أَسْدَى إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَى مُكَافَأَتِهِ فَادْعُوَا لَهُ» قَوْلُهُ: (وَالْخَامِسُ التَّحْرِيمُ) هَذَا يُغْنِي عَنْ الثَّالِثِ دُونَ الْعَكْسِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ فَلَا يَكْفِي عَنْ هَذَا.
قَوْلُهُ: (بَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) جُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ خَمْسَةٌ، وَالْمَتْنُ خَمْسَةٌ فَتَكُونُ عَشَرَةً مُتَعَلِّقَةً وَمُتَرَتِّبَةً عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ، فَإِذَا لَاعَنَتْ الزَّوْجَةُ تَعَلَّقَ بِلِعَانِهَا سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهَا قَوْلُهُ: (بِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِالزَّانِي. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بَيِّنَةَ وَحُدَّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ حُدَّ.
وَقَوْلُهُ: فَطَالَبَهُ، الرَّجُلُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَلَا بَيِّنَةَ وَجَوَابُ الشَّرْطِ هُوَ قَوْلُهُ: فَلَهُ اللِّعَانُ فَافْهَمْ.
وَلَا تَغْتَرَّ بِتَحْرِيفِ بَعْضِ النُّسَخِ.
قَوْلُهُ: (الْمَقْذُوفُ بِهِ) أَيْ بِالزِّنَا وَقَوْلُهُ: بِالْحَدِّ مُتَعَلِّقٌ بِطَالَبَهُ قَوْلُهُ: (لِأَجْلِ الرَّجُلِ) أَيْ الرَّجُلِ الزَّانِي الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: بِاللِّعَانِ. قَوْلُهُ: (وَتَأَبَّدَتْ حُرْمَةُ الزَّوْجَةِ) فِي قَذْفِهِ لَهَا فَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا مَا يَقْتَضِي تَأْبِيدَ الْحُرْمَةِ فَإِذَا طَالَبَهُ الرَّجُلُ الْمَقْذُوفُ بِهَا، وَقُلْنَا: بِعَدَمِ تَدَاخُلِ الْحَدَّيْنِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَلَهُ اللِّعَانُ لِدَفْعِ الْحَدِّ وَصَارَ تَأَبُّدُ تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ لِعَانِهِ فَقَطْ لِعَدَمِ سَبْقِ لِعَانِهَا. اهـ. مد. قَوْلُهُ: (لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْحَدُّ لِلزَّوْجَةِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ فَيَسْقُطَانِ بِهَذَا اللِّعَانِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَفَا أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَةُ وَالرَّجُلُ الْمَقْذُوفُ.
قَوْلُهُ: (لِلْمَقْذُوفِ بِهِ) وَهُوَ الزَّانِي. قَوْلُهُ: (زِنَا الْمَقْذُوفِ بِهِ) فِيهِ الْإِظْهَارُ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ بِأَنْ يَقُولَ زِنَاهُ وَكَذَا يُقَالُ: فِي قَوْلِهِ: وَلَا يُلَاعِنُ الْمَقْذُوفُ بِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ اللِّعَانِ لِأَجْلِ الزَّوْجَةِ، حَيْثُ ثَبَتَ بِهِ زِنَاهَا، وَاللِّعَانِ لِأَجْلِ الْمَقْذُوفِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ زِنَاهَا. قَالَ: مد وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ ثَبَتَ عَلَيْهَا الزِّنَا بِلِعَانِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ كَانَ اللِّعَانُ لِأَجْلِهِ فَقَطْ، أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً بِقَذْفِ زَوْجَتِهِ لِدَفْعِ الْعَارِ وَالنَّسَبِ الْفَاسِدِ، بِخِلَافِهِ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَأَنَّ اللِّعَانَ أُقِيمَ مُقَامَ الْبَيِّنَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَةِ وَلَا كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ قَوْلُهُ: (فِي حَقِّ الزَّوْجِ) أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَهِيَ مُحْصَنَةٌ.
قَوْلُهُ: (إنْ امْتَنَعَتْ مِنْ اللِّعَانِ) فَإِنْ لَاعَنَتْ لَمْ تَسْقُطْ حَصَانَتُهَا فِي حَقِّهِ إنْ قَذَفَهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ بِالزِّنَا، كَأَنْ قَالَ: أَنْتِ زَنَيْت بَعْدَ اللِّعَانِ، لَا إنْ قَذَفَهَا بِهِ أَوْ أَطْلَقَ. اهـ. مد. قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا تَشْطِيرُ الصَّدَاقِ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ) أَيْ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَّا أَنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا سَبَقَ وَعُذْرُهُ فِي ذَلِكَ نَقْلُهُ لِعِبَارَةِ الرَّوْضِ بِرُمَّتِهَا كَمَا

الصفحة 39