كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 4)

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَوَقُّفِ التَّأْجِيلِ عَلَى سُؤَالِهَا مَمْنُوعٌ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ.
فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأُمِّ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ مَا نَصُّهُ: وَمَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَتَرَكَتْهُ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُطَالِبْهُ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلَاءِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ اهـ. فَلَوْ كَانَ التَّأْجِيلُ مُتَوَقِّفًا عَلَى طَلَبِهَا لَمَا حُسِبَتْ الْمُدَّةُ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ بِنَفْسِهَا سَوَاءٌ عَلِمَتْ ثُبُوتَ حَقِّهَا فِي الطَّلَبِ وَتَرَكَتْهُ قَصْدًا أَمْ لَمْ تَعْلَمْ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى ضَرْبِ الْقَاضِي لِثُبُوتِهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، حَتَّى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَوْ آلَى ثُمَّ غَابَ أَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ (ثُمَّ) إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطَأْ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ بِالزَّوْجَةِ (يُخَيَّرُ) الْمُولِي بِطَلَبِهَا (بَيْنَ الْفَيْئَةِ) بِأَنْ يُولِجَ الْمُولِي حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ وَسُمِّيَ الْوَطْءُ فَيْئَةً لِأَنَّهُ مِنْ فَاءَ إذَا رَجَعَ. (وَالتَّكْفِيرِ) لِلْيَمِينِ إنْ كَانَ حَلِفُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا (أَوْ الطَّلَاقِ) لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.

تَنْبِيهٌ: كَيْفِيَّةُ الْمُطَالَبَةِ أَنَّهَا تُطَالِبُهُ أَوَّلًا بِالْفَيْئَةِ الَّتِي امْتَنَعَ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يَفِئْ طَالَبَتْهُ بِطَلَاقٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227]
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ وَطْئِهَا مَعَ صَوْمِ النَّفْلِ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُخَالِفٌ) أَيْ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ} [البقرة: 222] قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْيَمِينَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ) أَيْ مَرْفُوعَةٌ عَنْهُ أَيْ لِمُضِيِّ الزَّمَنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (بِضَرْبِ الْمُدَّةِ بِنَفْسِهَا) الْمُرَادُ بِضَرْبِهَا بِنَفْسِهَا حُسْبَانُهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى طَلَبٍ وَلَا ضَرْبِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَحْتَاجُ إلَى ضَرْبِ الْقَاضِي) بِخِلَافِ الْعُنَّةِ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا قَوْلُهُ: (حُسِبَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَشْعُرْ بِحَلِفِهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ بِالزَّوْجَةِ) أَمَّا إذَا كَانَ بِهَا مَانِعٌ، فَلَا تُطَالِبُهُ قَوْلُهُ: (يُخَيَّرُ) أَيْ يُخَيِّرُهُ الْقَاضِي بِطَلَبِهَا أَوْ تُخَيِّرُهُ هِيَ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَهَا فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْفَيْئَةِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ الْمَدِّ مَرَّ قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُولِجَ الْمُولِي حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ) أَيْ مَعَ زَوَالِ بَكَارَةِ بِكْرٍ، وَلَوْ غَوْرَاءُ وَإِنْ حَرُمَ الْوَطْءُ، أَوْ كَانَ بِفِعْلِهَا فَقَطْ بِخِلَافِهِ فِي دُبُرٍ فَلَا تَحْصُلُ بِهِ فَيْئَةٌ، لَكِنْ تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ، وَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ لِحِنْثِهِ بِهِ فَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ حُصُولِ الْفَيْئَةِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ الْمُطَالَبَةِ تَعَيَّنَ تَصْوِيرُهُ، بِمَا إذَا حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ بِمَا إذَا حَلَفَ وَلَمْ يُقَيِّدْ، لَكِنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ أَوْ مُكْرَهًا فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ اهـ. عش مَرَّ قَوْلُهُ: (بِقُبُلٍ) خَرَجَ الْفَيْئَةَ فِي الدُّبُرِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي الْقُبُلِ، فَوَطِئَ فِي الدُّبُرِ فَلَا يُقَالُ لَهُ فَيْئَةٌ وَلَا يَحْنَثُ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَلَا تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا وَأَطْلَقَ فَوَطِئَ فِي الدُّبُرِ حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ، وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، لَكِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْفَيْئَةُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ حُصُولِهَا الْأَيْمَانُ وَالتَّعَالِيقُ وَأَمَّا إذَا وَطِئَ فِي الْقُبُلِ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا حَنِثَ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ، وَحُصِلَتْ الْفَيْئَةُ، فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ وَلَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ وَحَصَلَتْ الْفَيْئَةُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ فَاءَ إذَا رَجَعَ) فَقَدْ رَجَعَ لِلْوَطْءِ بَعْدَ أَنْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلُهُ: (وَالتَّكْفِيرَ) أَيْ مَعَ التَّكْفِيرِ، فَهُوَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مَعَهُ لِأَنَّ جَرَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ الْمُخَيَّرِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الطَّلَاقِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا، وَالطَّلَاقُ بِغَيْرِ إثْبَاتِ أَلِفٍ قَبْلَ الْوَاوِ، وَهِيَ الْأَوْلَى بَلْ الصَّوَابُ لِأَنَّ بَيْنَ إنَّمَا تُضَافُ لِمُتَعَدِّدٍ.
قَوْلُهُ: (لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَيْهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ، لِأَلْ فِي قَوْلِهِ: لِلْمَحْلُوفِ فَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ أَلْ، وَفِي نُسْخَةٍ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (كَيْفِيَّةُ الْمُطَالَبَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَتْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمَتْنِ التَّخْيِيرُ لَا التَّرْتِيبُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا بَيَانٌ لِلْمُطَالَبَةِ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِالتَّرْتِيبِ الْمُقَابِلِ لِلْمَتْنِ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا

الصفحة 8