كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور (اسم الجزء: 4)

مائَة فرس وَلم يتْركُوا كَارِهًا لِلْخُرُوجِ يظنون أَنه فِي قهر مُحَمَّد وَأَصْحَابه وَلَا مُسلما يعلمُونَ اسلامه وَلَا أحدا من بني هَاشم إِلَّا من لَا يتهمون إِلَّا أشخصوه مَعَهم فَكَانَ مِمَّن أشخصوا الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وَنَوْفَل بن الْحَارِث وطالب بن أبي طَالب وَعقيل بن أبي طَالب فِي آخَرين فهنالك يَقُول طَالب بن أبي طَالب: إِمَّا يخْرجن طَالب بمقنب من هَذِه المقانب فِي نفر مقَاتل يحارب وَليكن المسلوب غير السالب والراجع المغلوب غير الْغَالِب فَسَارُوا حَتَّى نزلُوا الْجحْفَة نزلوها عشَاء يتزودون من المَاء وَمِنْهُم رجل من بني عبد الْمطلب بن عبد منَاف يُقَال لَهُ جهيم بن الصَّلْت بن مخرمَة فَوضع حهيم رَأسه فأغفى ثمَّ فزع فَقَالَ لأَصْحَابه: هَل رَأَيْتُمْ الْفَارِس الَّذِي وقف عَليّ آنِفا فَقَالُوا: لَا إِنَّك مَجْنُون
فَقَالَ: قد وقف عَليّ فَارس آنِفا فَقَالَ: قتل أَبُو جهل وَعتبَة وَشَيْبَة وَزَمعَة وَأَبُو البخْترِي وَأُميَّة بن خلف فعد أشرافا من كفار قُرَيْش
فَقَالَ لَهُ أَصْحَابه: إِنَّمَا لعب بك الشَّيْطَان وَرفع حَدِيث جهيم إِلَى أبي جهل فَقَالَ: قد جئْتُمْ بكذب بني الْمطلب مَعَ كذب بني هَاشم سيرون غَدا من يقتل
ثمَّ ذكر لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عير قُرَيْش جَاءَت من الشَّام وفيهَا أَبُو سُفْيَان بن حري ومخرمة بن نَوْفَل وَعَمْرو بن العَاصِي وَجَمَاعَة من قُرَيْش فَخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فسلك حِين خرج إِلَى بدر على نقب بني دِينَار وَرجع حِين رَجَعَ من ثنية الْوَدَاع فنفر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين نفر وَمَعَهُ ثلثمِائة وَسَبْعَة عشر رجلا وَفِي رِوَايَة ابْن فليح: ثلثمِائة وَثَلَاثَة عشر رجلا وَأَبْطَأ عَنهُ كثير من أَصْحَابه وتربصوا وَكَانَت أول وقْعَة أعز الله فِيهَا الْإِسْلَام فَخرج فِي رَمَضَان على رَأس ثَمَانِيَة عشر شهرا من مقدمه الْمَدِينَة وَمَعَهُ الْمُسلمُونَ لَا يُرِيدُونَ إِلَّا العير فسلك على نقب بني دِينَار والمسلمون غير معدين من الظّهْر إِنَّمَا خَرجُوا على النَّوَاضِح يعتقب الرجل مِنْهُم على الْبَعِير الْوَاحِد وَكَانَ زميل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ بن أبي طَالب ومرثد بن أبي مرْثَد الغنوي حَلِيف حَمْزَة فهم مَعَه لَيْسَ مهعهم إِلَّا بعير وَاحِد فَسَارُوا حَتَّى إِذا كَانُوا بعرق الظبية لَقِيَهُمْ رَاكب من قبل تهَامَة - والمسلمون يَسِيرُونَ - فوافقه نفر من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَأَلَهُ عَن أبي سُفْيَان فَقَالَ: لَا علم لي بِهِ
فَلَمَّا يئسوا من خَبره فَقَالُوا لَهُ: سلم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: وَفِيكُمْ رَسُول الله

الصفحة 19