كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور (اسم الجزء: 4)

صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: نعم
قَالَ: أَيّكُم هُوَ فأشاروا لَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ الْأَعرَابِي: أَنْت رَسُول الله كَمَا تَقول قَالَ: نعم
قَالَ: إِن كنت رَسُول الله كَمَا تزْعم فَحَدثني بِمَا فِي بطن نَاقَتي هَذِه فَغَضب رجل من الأنصارمن بني عبد الْأَشْهَل يُقَال لَهُ سَلمَة بن سَلامَة بن وقش فَقَالَ للأعرابي: وَقعت على نَاقَتك فَحملت مِنْك
فكره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا قَالَ سَلمَة حِين سَمعه أفحش فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ سَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يلقاه خبر وَلَا يعلم بنفرة قُرَيْش فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَشِيرُوا علينا فِي أمرنَا ومسيرنا فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول اله أَنا أعلم النَّاس بمسافة الأَرْض أخبرنَا عدي بن أبي الزغباء أَن العير كَانَت بوادي كَذَا وَكَذَا فَكَانَا وإياهم فرسخان إِلَى بدر
ثمَّ قَالَ: أَشِيرُوا عَليّ فَقَالَ عمر بن الْخطاب: يَا رَسُول الله إِنَّهَا قُرَيْش وعزها وَالله مَا ذلت مُنْذُ عزت وَلَا آمَنت مُنْذُ كفرت وَالله لتقاتلنك فتأهب لذَلِك أهبته وأعدد لَهُ عدته
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَشِيرُوا عَليّ فَقَالَ الْمِقْدَاد بن عَمْرو: إِنَّا لَا نقُول لَك كَمَا قَالَ أَصْحَاب مُوسَى (اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَهُنَا قَاعِدُونَ) (الْمَائِدَة الْآيَة 24) وَلَكِن اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا مَعكُمْ متبعون
فَقَالَ رَسُول الله: أَشِيرُوا عَليّ فَلَمَّا رأى سعد بن معَاذ كَثْرَة استشارة النَّبِي أَصْحَابه فيشيرون فَيرجع إِلَى المشورة ظن سعد أَنه يستنطق الْأَنْصَار شفقا أَن لَا يستحوذوا مَعَه على مَا يُرِيد من أمره فَقَالَ سعد بن معَاذ لَعَلَّك يَا رَسُول الله تخشى أَن لَا تكون الْأَنْصَار يُرِيدُونَ مواساتك وَلَا يرونها حَقًا عَلَيْهِم إِلَّا بِأَن يرَوا عدوا فِي بُيُوتهم وَأَوْلَادهمْ وَنِسَائِهِمْ وَإِنِّي أَقُول عَن الْأَنْصَار وَأجِيب عَنْهُم: يَا رَسُول الله فاظعن حَيْثُ شِئْت وَخذ من أَمْوَالنَا مَا شِئْت ثمَّ أعطنا مَا شِئْت وَمَا أَخَذته منا أحب إِلَيْنَا مِمَّا تركت وَمَا ائتمرت من أَمر فَأمرنَا بِأَمْرك فِيهِ تبع فوَاللَّه لَو سرت حَتَّى تبلغ الْبركَة من ذِي يمن لسرنا مَعَك
فَلَمَّا قَالَ ذَلِك سعد قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سِيرُوا على اسْم الله فَإِنِّي قد رَأَيْت مصَارِع الْقَوْم فَعمد لبدر
وخفض أَبُو سُفْيَان فلصق بساحل الْبَحْر وَكتب إِلَى قُرَيْش حِين خَالف مسير رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَأى أَن قد أحرز مَا مَعَه وَأمرهمْ أَن يرجِعوا فَإِنَّمَا أخرجتم لتحرزوا ركبكم فقد أحرز لكم فَلَقِيَهُمْ هَذَا الْخَبَر بِالْجُحْفَةِ
فَقَالَ أَبُو جهل: وَالله لَا نرْجِع

الصفحة 20