كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور (اسم الجزء: 4)

بِيَدِهِ لينصرنك الله وليبيضن وَجهك فَأنْزل الله جندا فِي أكناف الْعَدو فَقَالَ رَسُول الله: قد أنزل الله نَصره: وَنزلت الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام أبشر يَا أَبَا بكر فَإِنِّي قد رَأَيْت جِبْرِيل معتجرا يَقُود فرسا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض فَلَمَّا هَبَط إِلَى الأَرْض جلس عَلَيْهَا فتغيب عني سَاعَة ثمَّ رَأَيْت على شفته غبارا
وَقَالَ أَبُو جهل: اللَّهُمَّ انصر خير الدينَيْنِ اللَّهُمَّ ديننَا الْقَدِيم وَدين مُحَمَّد الحَدِيث ونكص الشَّيْطَان على عَقِبَيْهِ حِين رأى الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام وتبرأ من نصْرَة أَصْحَابه وَأخذ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ملْء كَفه من الْحَصْبَاء فَرمى بهَا وُجُوه الْمُشْركين فَجعل الله تِلْكَ الْحَصْبَاء عَظِيما شَأْنهَا لم يتْرك من الْمُشْركين رجلا إِلَّا مَلَأت عَيْنَيْهِ وَالْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ ويجدون النَّفر كل رجل مِنْهُم مكبا على وَجهه لَا يدْرِي أَن يتَوَجَّه يعالج التُّرَاب يَنْزعهُ من عَيْنَيْهِ
وَرجعت قُرَيْش إِلَى مَكَّة منهزمين مغلوبين وأذل الله بوقعة بدر رِقَاب الْمُشْركين وَالْمُنَافِقِينَ فَلم يبْق بِالْمَدِينَةِ مُنَافِق وَلَا يَهُودِيّ إِلَّا وَهُوَ خاضع عُنُقه لِوَقْعَة بدر وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْفرْقَان يَوْم فرق الله بَين الشّرك وَالْإِيمَان وَقَالَت الْيَهُود تَيَقنا: أَنه النَّبِي الَّذِي نجد نَعته فِي التَّوْرَاة وَالله لَا يرفع راية بعد الْيَوْم إِلَّا ظَهرت
وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة فَدخل من ثنية الْوَدَاع وَنزل الْقُرْآن يعرفهُمْ الله نعْمَته فِيمَا كَرهُوا من خُرُوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بدر فَقَالَ {كَمَا أخرجك رَبك من بَيْتك بِالْحَقِّ وَإِن فريقا من الْمُؤمنِينَ لكارهون} هَذِه الْآيَة وَثَلَاث آيَات مَعهَا وَقَالَ فِيمَا اسْتَجَابَ للرسول للْمُؤْمِنين (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم) (الْأَنْفَال الْآيَة 9) الْآيَة
وَأُخْرَى مَعهَا وَأنزل فِيمَا غشيهم من النعاس (إِذْ يغشيكم النعاس) (الْأَنْفَال الْآيَة 11) الْآيَة
ثمَّ أخْبرهُم بِمَا أوحى إِلَى الْمَلَائِكَة من نَصرهم فَقَالَ (إِذْ يوحي رَبك إِلَى الْمَلَائِكَة أَنِّي مَعكُمْ) (الْأَنْفَال الْآيَة 12) الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا
وَأنزل فِي قتل الْمُشْركين والقبضة الَّتِي رمى بهَا رَسُول الله (فَلم تقلتوهم وَلَكِن الله قَتلهمْ) (الْأَنْفَال الْآيَة 17) الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا
وَأنزل فِي استفتاحهم (إِن تستفتحوا فقد جَاءَكُم الْفَتْح) (الْأَنْفَال الْآيَة 19) ثمَّ أنزل يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَرَسُوله فِي سبع آيَات مِنْهَا وَأنزل فِي مَنَازِلهمْ (إِذْ أَنْتُم بالعدوة الدُّنْيَا) (الْأَنْفَال الْآيَة 42) الْآيَة وَالَّتِي بعْدهَا

الصفحة 25