كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور (اسم الجزء: 4)

وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {ليثبتوك} يَعْنِي ليوثقوك
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دخلُوا دَار الندوة يأتمرون بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: لَا يدْخل عَلَيْكُم أحد لَيْسَ مِنْكُم فَدخل مَعَهم الشَّيْطَان فِي صُورَة شيخ من أهل نجد فتشاوروا فَقَالَ أحدهم: نخرجهُ: فَقَالَ الشَّيْطَان: بئْسَمَا رأى هَذَا هُوَ قد كَاد أَن يفْسد فِيمَا بَيْنكُم وَهُوَ بَين أظْهركُم فَكيف إِذا أخرجتموه فأفسد النَّاس ثمَّ حملهمْ عَلَيْكُم يقاتلونكم
قَالُوا: نعم مَا رأى هَذَا

فَأطلع الله نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك فَخرج هُوَ وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ إِلَى غَار فِي جبل يُقَال ثَوْر وَقَامَ عَليّ بن أبي طَالب على فرَاش النَّبِي وَبَاتُوا يحرسونه يحسبون أَنه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَصْبحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ فَإِذا هم بعلي رَضِي الله عَنهُ
فَقَالُوا: أَيْن صَاحبك فَقَالَ: لَا أَدْرِي

فَاقْتَصُّوا أَثَره حَتَّى بلغُوا الْغَار ثمَّ رجعُوا وَمكث فِيهِ هُوَ وَأَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ ثَلَاث لَيَال
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة رَضِي الله عَنهُ
أَن قُريْشًا اجْتمعت فِي بَيت وَقَالُوا: لَا يدْخل مَعكُمْ الْيَوْم إِلَّا من هُوَ مِنْكُم فجَاء إِبْلِيس فَقَالَ لَهُ: من أَنْت قَالَ: شيخ من أهل نجد وَأَنا ابْن أختكم
فَقَالُوا: ابْن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم
فَقَالَ بَعضهم: أوثقوه
فَقَالَ: أيرضى بَنو هَاشم بذلك فَقَالَ بَعضهم: أَخْرجُوهُ
فَقَالَ: يؤويه غَيْركُمْ
فَقَالَ أَبُو جهل: ليجتمع من كل بني أَب رجل فيقتلوه
فَقَالَ إِبْلِيس: هَذَا الْأَمر الَّذِي قَالَ الْفَتى
فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة {وَإِذ يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك} إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك} قَالَ: كفار قُرَيْش أَرَادوا ذَلِك بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يخرج من مَكَّة
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: شرى عَليّ رَضِي الله عَنهُ نَفسه وَلبس ثوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ نَام مَكَانَهُ وَكَانَ الْمُشْركُونَ يحسبون أَنه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَت قُرَيْش تُرِيدُ أَن تقتل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعلُوا يرمقون عليا ويرونه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجعل عَليّ رَضِي الله يتَصَوَّر فَإِذا هُوَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا: إِنَّك للئيم إِنَّك لتتصوّر وَكَانَ صَاحبك لَا يتصوّرك وَلَقَد استنكرناه مِنْك

الصفحة 53