كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 4)

إِنِّي أَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِي، فقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِمَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ فقَالَ الرَّجُلُ: أُشْفِقُ عَلَى وَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَوْلَادِهَا، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ كَانَ ذَلِكَ ضَارًّا، ضَرَّ فَارِسَ، وَالرُّومَ)).
وقَالَ زُهَيْرٌ فِي رِوَايَتِهِ: ((إِنْ كَانَ لِذَلِكَ فَلَا مَا ضَارَ ذَلِكَ فَارِسَ، وَلَا الرُّومَ)).
قوله: ((حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمَقْبُرِيُّ)): صوابه: ((المقرئ))، كما في التهذيب، حيث ذكر أنه أقرأ القرآن إحدى وسبعين سنة بالبصرة ومكة.
قوله: ((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ)) الغيلة- بكسر الغين-: وهي الاسم من الغيل، وهو جماع المرضع، وقال بعضهم: غيلة- بالفتح- للمرة الواحدة من الغيل.
ولأهل اللغة في تفسيرها قولان (¬١):
أحدهما: أن الغيلة أن يجامع الرجل امرأته وهي ترضع، حكي معناه عن الأصمعي، يقال فيه: غال الرجل المرأة وأغالها وأُغيلت.
ثانيهما: أن ترضع المرأة وهي حامل، وهذا اللفظ يرجع إلى الضرر والهلاك، ومنه تقول العرب: غالني أمر كذا، أي: أضرني، وغالته الغول أهلكته.
وكل واحدة من الحالتين المذكورتين مضرة بالولد؛ ولذلك يصح أن تحمل كلمة: ((غيلة)) بالحديث على كل واحد منهما، يعني: على جماع المرضع، أو إرضاع الحامل، وكلاهما مضر بالولد.
فأما ضرر المعنى الأول: فقالوا: إن الماء- يعني: المني- يغيل اللبن فيفسده، ويسأل عن تعليله أهل الطب.
وأما الثاني: فضرره محسوس؛ فإن لبن الحامل داء وعلة في جوف
---------------
(¬١) الصحاح، للجوهري (٥/ ١٧٨٧)، غريب الحديث، لابن سلام (٢/ ١٠٠).

الصفحة 100